انقلابات عسكرية تهدّد استقرار القارة الإفريقية.. وفرنسا “مستهدفة”!
شهدت النيجر تطورات أمنية وسياسية منذ بدء الحرس الجمهوري، محاولة إنقلاب على الرئيس محمد بازوم، في شهر تموز الماضي.
ويصف المعارضون الرئيس بازوم بـ”حليف قوى الاستعمار”، وذلك في إشارة لفرنسا التي تعتمد في 70% من قطاع الطاقة على يورانيوم النيجر، علماً أنّ النيجر هو من الدول الفقيرة.
وإلى جانب فرنسا، أقامت الولايات المتحدة الأميركية 14 قاعدة عسكرية على أراضي النيجر.
وفي آخر تطورات أزمة النيجر، أعلنت وزارة الخارجية التابعة للمجلس العسكري اليوم الخميس أنها أصدرت تعليمات بترحيل السفير الفرنسي وعائلته من البلاد، وقالت إنّها ألغت الصفة الدبلوماسية للسفير الفرنسي سيلفان إيت ولعائلته.
ويأتي هذا الإعلان بعد 4 أيام من انتهاء المهلة التي حدّدها المجلس العسكري الحاكم للسفير الفرنسي للمغادرة.
وكانت الخارجية الفرنسية قد أكّدت أنّ الانقلابيين ليسوا مؤهلين لتقديم هذا الطلب، وأن اعتماد السفير لا يأتي إلا من السلطات النيجرية الشرعية المنتخبة.
وفي وقت سابق، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن السفير سيظل في البلاد على الرغم من ضغوط المجلس العسكري.
إلى ذلك، أعلن مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، أنّ الرئيس المعزول محمد بازوم يرفض الاستقالة .
وعبر بوريل في مؤتمر صحافي بعد اجتماع لوزراء خارجية الدول الأوروبية من أجل بحث الانقلابات في إفريقيا سواء بالغابون أو النيجر، عن تضامنه مع باريس وبعثتها الدبلوماسية في نيامي.
قال “وزراء الاتحاد الأوروبي اتخذوا قرارا بشأن عملية لوضع نظام عقوبات على قادة الانقلاب في النيجر”.
فرنسا والولايات المتحدة
من جهتها دانت فرنسا في موقف سابق أي محاولة لتولي الحكم بالقوة في النيجر. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية في بيان إن “فرنسا قلقة بسبب الأحداث في النيجر وتتابع بانتباه تطور الوضع”.
وأضافت أن فرنسا تضم صوتها إلى “الاتحاد الإفريقي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا في دعوتهما لاستعادة وحدة المؤسسات الديمقراطية النيجرية”.
وفي واشنطن، عبر البيت الأبيض عن “قلقه الشديد” حيال التطورات في الدولة الإفريقية، وطالب بالإفراج عن الرئيس.
وجاء في بيان للبيت الأبيض أن “الولايات المتحدة قلقة بشدة حيال تطورات اليوم في النيجر.. نحض على وجه الخصوص عناصر في الحرس الرئاسي على إطلاق سراح الرئيس بازوم من الاعتقال والامتناع عن العنف”.
دان الأمين العام للأمم المتحدة “بأكبر قدر من الحزم أي محاولة لتولي الحكم بالقوة” بحسب ما أفاد المتحدث باسمه ستيفان دوجاريك.
وقال دوجاريك إن انطونيو غوتيريش “يدين بأكبر قدر من الحزم أي محاولة لتولي الحكم بالقوة والمساس بالحوكمة الديمقراطية والسلام والاستقرار في النيجر”، و”يدعو جميع الأطراف المعنيين الى التزام ضبط النفس وضمان حماية النظام الدستوري”.
في المقابل حضّ البابا فرنسيس على إيجاد حلّ دبلوماسي للأزمة السياسية التي تشهدها النيجر والتي نجمت عن انقلاب يهدد الاستقرار في المنطقة بأسرها.
وأشار البابا إلى أنه يصلي من أجل أن تثمر “جهود المجتمع الدولي حلاً سياسياً في أسرع وقت ممكن لما فيه خير الجميع”.
أفريقيا.. وإنقلابات متعدّدة
في وقت تنشغل به دول العالم في متابعة انقلاب النيجر، أعلن ضباط كبار بالجيش في الغابون استيلاءهم على السلطة وإنهاء النظام القائم، وذلك بعيد الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية.
وقال الضباط إن “الانتخابات العامة الأخيرة تفتقر للمصداقية وإن نتائجها باطلة”، مؤكدين أنهم “يمثلون جميع قوات الأمن والدفاع في الغابون”.
وكشفت رويترز أنّ “حدود البلاد قد أغلقت حتى إشعار آخر وحلت مؤسسات الدولة”.
وكان رئيس الغابون، علي بونغو، قد فاز بفترة ثالثة بعد انتخابات متنازع على نتائجها، وزعمت المعارضة بتزوير نتائجها.
وخلال العامين الماضيين وقعت 7 انقلابات عسكرية فإضافة إلى الانقلاب الحالي في الغابون، استولى العسكر بقيادة غوتا على السلطة في مالي في أيار 2021.
وبعدها بخمسة أشهر وقع انقلاب في السودان، تلاه انقلاب آخر في غينيا كوناكري في أيلول 2021 بقيادة العقيد مامادي دومبويا.
ثم وقع انقلاب آخر في الأسبوع الأخير من كانون الثاني 2022 في بوركينا فاسو بقيادة العقيد بول هنري زامبيا، وتلاه انقلاب في غينيا بيساو، ثم انقلاب النيجر في 26 تموز 2023.
وعزا خبراء في الشأن الأفريقي تكرار ظاهرة الانقلابات في القارة الأفريقية إلى سلسلة عوامل منها ضعف اقتصادات القارة، البيئة الأمنية المضطربة، عدم احترام المواثيق الديمقراطية ولجوء العديد من الحكام المدنيين لتمديد فترات حكمهم.
وتعد بوركينا فاسو من البلدان التي شهدت أكبر سلسلة من الانقلابات العسكرية بلغ في مجملها 10 محاولات كان آخرها في كانون الثاني.
كما شهدت أوغندا منذ استقلالها عن بريطانيا عام 1962 أكثر من 6 انقلابات عسكرية، بينما خبر السودان منذ استقلاله عن بريطانيا عام 1956 نحو 20 محاولة نجحت منها 5 محاولات.
في الجانب الآخر شهدت منطقة جنوب إفريقيا عددا أقل من الانقلابات، وعزا محللون ذلك إلى المؤسسات القوية في تلك الدول والتزامها بالحكم الديمقراطي، إذ شهدت دولة ليسوتو حتى الآن انقلابين اثنين، وزيمبابوي انقلاباً واحداً نفذه الجيش على روبرت موغابي في تشرين الثاني2017.
الخارجية اللبنانية تتابع أوضاع المغتربين
أعلنت وزارة الخارجية والمغتربين في بيان، أنها “تتابع باهتمام كبير، تطور الاوضاع في الغابون، وتدعو بعد التواصل مع سفارة لبنان في الغابون كافة اللبنانيين المقيمين الى اتخاذ أقصى درجات الحيطة والحذر والبقاء في منازلهم بانتظار جلاء التطورات”
وكانت وزارة الخارجية والمغتربين قد أعلنت في وقت سابق أنها تتابع باهتمام كبير الأوضاع في النيجر، حيث شكّلت خليّة أزمة لهذا الغرض، وباشرت إتصالاتها مع الدول الصديقة لتقديم المساعدة الممكنة لابناء الجالية اللبنانية، وتطلب من الرعايا اللبنانيين المتواجدين فيها أخذ أقصى درجات الحيطة والحذر.
ودعت الوزارة “كل اللبنانيين المتواجدين في النيجر والراغبين بتسجيل اسمائهم، في حال توفر إمكانية المساعدة على تأمين مغادرتهم بصورة آمنة، التواصل مع السفارة اللبنانية في ابيدجان”.