“التيار” والمعارضة: التقاطع على المرشح لا يلغي الإختلاف
كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:
بالتزامن مع استمرار حوار «التيار الوطني الحر» مع «حزب الله»، يسعى «التيار» إلى تثبيت التقاطع مع المعارضة. فهو الوحيد القادر على أن يحاور طرفين نقيضين، وأن يقبلا به معاً، فلا «حزب الله» يعترض على حواره مع المعارضة، ولا المعارضة ترفض حواره مع «حزب الله». ويعتبر «التيار» أن مسعاه تجاه الطرفين هدفه البحث عن مخرج في ضوء انسداد الأفق المحلي والإقليمي.
ويقول إن الحوار خطوة لا بدّ منها للإنتقال إلى جلسات انتخاب رئاسية، وإنّ قطع الطريق على الحوار يعني التواطؤ مع معطلي انتخاب الرئيس. وتلفت أوساط «التيار» إلى أنّ أولى الخطوات المتفق عليها مع المعارضة هي تأكيد التقاطع على ترشيح جهاد أزعور. وتطرق الإجتماع الثاني بين «التيار» والمعارضة إلى مسألتي جلسات الحكومة ومجلس النواب من دون أن يتخذا قراراً بشأنها، ثم كان نقاش حول إمكانية تطوير اللقاءات والبحث مستقبلاً في مواصفات الرئيس بما يتناسب ومتطلبات المرحلة. وهنا جرى نقاش ورقة «التيار» حول الأولويات الرئاسية والتي لا يتمسك بها، ولكنها وضعت كإطار يمكن أن يشكل انطلاقة.
ولم يخرج النقاش بجواب من نواب المعارضة الذين استفسروا وفد «التيار» في شأن الحوار مع «حزب الله» فكان جوابه أنّ البحث غير سري ويجرى فوق الطاولة، وهو يتركز على اللامركزية والصندوق الإئتماني الذي لا يزال قيد الدرس من قبل لجان مشتركة من الجانبين.
خاض المجتمعون نقاشات عميقة خلال ساعة ونصف، أفضت إلى التقاطع على المرشح الرئاسي، لكنها لم تنجح في التلاقي على فكرة الحوار الذي أصرّ نواب المعارضة على رفضهم استجابة دعوته بينما اعتبره «التيار» طريقاً وحيداً للخروج من المراوحة، مؤكداً أنّ فكرة الحوار القصير الذي يستتبع بجلسات انتخاب متواصلة كانت في الأساس فكرة «التيار» التي ضمّنها جوابه على رسالة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان، بحيث يرفض «التيار» جلسات حوار مفتوحة بلا أفق.
لكن المعارضة بقيت على موقفها الرافض للحوار استباقاً لجلسات الإنتخاب، فاعتبر «التيار» أن موقفاً كهذا لن يؤمن الخروج من المراوحة وبالإمكان المشاركة في الحوار وإعلان الموقف الذي ترتئيه المعارضة مناسباً. وانتهت الجلسة الثانية باتفاق وحيد على عقد جلسات متتالية لمواصلة البحث، ولم يلمس وفد التيار استعداد المعارضة للمشاركة في الحوار.
وبقي الإلتباس قائماً حيال الربط بين الحوار وجلسات الإنتخاب المتتالية، وعما اذا كان يعني أنّ عدم النجاح في الحوار سيلغي جلسات الإنتخاب أو أن الحوار مرتبط بجلسات الانتخاب وبالعكس.
ولم يكن اجتماع المعارضة مع رئيس «اللقاء الديمقراطي» تيمور جنبلاط إيجابياً أكثر لناحية الموقف من الحوار، حيث لم ينجح نواب المعارضة في ثني الإشتراكي عن تلبية دعوة الحوار. رأيان متعارضان في مقاربة دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري، فالإشتراكي اتخذ قراره بتلبية دعوة الحوار التي يؤكد الأب والإبن على كونها المخرج الوحيد من الأزمة، وهي تصب ضمناً في صلب توجه الإشتراكي المتفق عليه داخلياً بالتماهي مع قرارات بري، لكن ليس لدرجة دعم ترشيح مرشح الثنائي سليمان فرنجية.
يأتي كل ذلك عشية الإستعداد لإستقبال الموفد الرئاسي الذي لم يتسلم بعد أجوبة من كل الذين تلقوا رسالته حول المرشح الرئاسي وأولويات عمله، وليس معلوماً كيف سيستفيد من الأجوبة التي تلقاها، واذا كانت تحمل جديداً غير متعارف عليه يمكن الركون إليه، خاصة أنّ تباعداً ظهر أخيراً بين لودريان ورئيس المجلس الذي سلمه قبيل سفره ورقة تتعلق بالحوار تتضمن 15 اسماً يشاركون في حوار يرأسه نائبه الياس بوصعب، فأضاف إليها لودريان أسماء اضافية، ورفع عدد المشاركين إلى 38 اسماً بينهم 12 نائباً من التغييريين، من دون أن يدرج اسم بوصعب الذي اقترحه بري رئيساً للحوار. وإلى عدم الموازنة في التمثيل يلفت إلى خلل آخر يتعلق بطرح لودريان التشاور مع النواب الـ38 ثنائياً كمخرج للمعارضة التي ترفض الجلوس الى طاولة حوار مع الآخرين.
ينفتح «التيار» على المعارضة ولجنته تستعد لإجتماع ثانٍ وقريب مع «حزب الله» لإستكمال نقاش اللامركزية تمهيداً للشروع في البحث الرئاسي. وتدريجياً تتبلور فكرة الحوار ولو أنها لا تزال غير واضحة المعالم وتفتقر الى التفاصيل. وإن تأكد وصول لودريان فلا تزال مهمته مجهولة المعالم في وقت تسعى قطر الى تطويق مساعي الفرنسيين بتوصية أميركية. في الأساس لا يمكن التعويل على جهود دولة طوقت مهمتها سلفاً بمقاطعة سعودية ورفض أميركي ومسعى قطري من خارج نطاق رغبتها.