النزوح السوري تابع… ومعبر شبعا ممسوك
كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:
الجولة الثانية من النزوح بدأت، ففي الوقت الذي أخفقت حكومة تصريف الأعمال، في حثّ النازحين على العودة الطوعية نحو سوريا، باغت النزوح السوري، وبالآلاف هذه المرة الدولة اللبنانية، وهم يعبرون الحدود غير الشرعية نحو لبنان، وبعضهم، يتّجه نحو ليبيا هرباً نحو مستقبل أفضل.
حتى الساعة لم تسجّل أي إحصائية حول أعداد النازحين الجدد نحو قرى الجنوب، أو ربما لم يكتشف أمرهم بعد من قبل البلديات، التي باشرت قبل أشهر، بعملية إحصاء وجودهم داخل القرى، المؤكد أنّ هذه الإحصائية لم تؤت بنتائجها المرجوّة، ويسجّل فشل للبلديات في الأمر، إذ لم تتمّ ممارسة الضغط لدفع النازحين نحو تسجيل أسمائهم داخلها.
اليوم، تجد البلديات نفسها مربكة في مواكبة النزوح المستجدّ، ماذا لو تضاعف عددهم في القرى، وسط حديث عن ارتفاع عدد النازحين في لبنان إلى نحو 2 مليون وستمئة وخمسين ألف نازح. وقد يكون العدد أكبر، فهل لبنان قادر على تحمّل هذا العبء، وماذا عن القرى؟
بات من المؤكّد أنّ الوضع ليس على ما يرام، فالوجود السوري بدأ يثير حفيظة الأهالي، يعيشون «مدللين» في لبنان، في وقت يواجه اللبناني مآسي الأزمة المعيشية، الأزمة نفسها الذي تدفع بالآلاف اليوم للدخول خلسة إلى لبنان.
لا يترك السوريون معبراً غير شرعي يعتب عليهم، بيد أن معبر شبعا- بيت جان، لم يشهد حركة دخول للنازحين الجدد، هذا المعبر مخصّص فقط للتهريب، نشط قبل عامين تقريباً بعمليات التهريب على «البغال»، التي تتمّ وفق المعلومات من لبنان ومن سوريا معاً. اليوم ينحصر التهريب فقط من لبنان نحو سوريا، وتتعدّد المواد المهرّبة حسبما كشف مصدر مطلع لـ»نداء الوطن»، إذ قال إن «الدخان والمواد الغذائية حتى المواد المتعلقة بالطاقة الشمسية، تشكل الركيزة الأولى للتهريب».
تكاد لا تهدأ حركة «البغال» في المنطقة، ما يؤكد أن التهريب على قدم وساق، وأن الحدود «فلتانة» نوعاً ما. من الصعب إحصاء عدد النازحين الجدد على هذا الخط، وفق متابعين فإنّه لم يتم لحظ وجود أعداد جديدة، إضافة إلى وجود مخيّمات للنازحين في المنطقة، مخيم مرج الخوخ والوزاني، قد يكون ملجأ لهم، ولو لفترة. غير أنّ المصادر تشير إلى اعتماد عدد كبير من الوافدين الجدد لبنان معبراً، ومنه يغادرون نحو ليبيا وبعدها نحو الدول الأوروبية، ويتخذون من المطار بداية رحلة هجرتهم للبحث عن مستقبل أفضل.
في حين تقول مصادر أخرى إنّ هناك نازحين يقصدون هذه المخيمات في المواسم الزراعية، ثم يغادرون نحو البقاع لأنّ الزراعة نشطة أكثر، وبالتالي يجعل من الصعب إحصاء عدد الوافدين.
في سياق آخر، تشير المعلومات إلى أن قرى العرقوب «مفولة» ولا يوجد فيها منازل للإيجار، وهذا يشكل عائقاً أمام النازحين، الذين يكونون على تواصل مع أقرباء أو معارف لهم في لبنان، وعليه تتركز حركة النازحين نحو البقاع والهرمل وطرابلس.
وتربط مصادر متابعة الموجة الجديدة للنازحين بانهيار الوضع المعيشي في سوريا، ففي الوقت الذي يهرب الشباب اللبناني نحو الهجرة، ولو بـ400 دولار كراتب، يجد السوري كل مقومات العيش في لبنان: سكن مجاني، مدارس وطبابة مجانية، بدل نقل للطلاب وغيرها من محفزات البقاء.
يأكل اللبناني اليوم من علقم النزوح من جديد، الوضع ليس على ما يرام، علامات استفهام عدّة تطرح اليوم، خاصة أن غالبية الوافدين هم من الشباب، وبأعداد كبيرة: ماذا يحاك للبنان من جديد؟ وهل هو قادر على حمل عبء اقتصادي ومعيشي وهو الواقع تحت وطأة أزمة اقتصادية لا يحسد عليها؟
بمعزل عن أي شيء، هناك خطر محدق اليوم، التدفّق الكبير لن يأتي إلا بالكارثة على لبنان، وعلى البلديات التحرّك سريعاً. تعلق مصادر متابعة بالقول إن معبر شبعا ممسوك، من الصعب دخول النازحين خلسة منه، على عكس باقي المعابر حيث بلغت كلفة النقل 150 دولاراً للشخص الواحد. ومع ذلك، تتخوّف مصادر متابعة من تطوّرات مشهد النزوح، الذي قد يجرّ الويلات على البلد ما لم يتم تدارك الوضع سريعاً.