النزوح السوري يؤرق البلديات
النزوح السوري في منطقة صيدا وقرى قضائها شرقاً وجنوباً عاد ليؤرق بلدياتها التي لم تلتقط أنفاسها بعد من تداعيات الانهيار المالي والاقتصادي في لبنان والذي أثقل كاهلها بالعجز والتقصير، فبدأت تتأقلم مع الأزمات عبر تقديم أفضل الممكن مع عدم قبض مستحقّاتها المالية من الصندوق البلدي المستقلّ منذ 3 سنوات.
ومع موجة النزوح الجديد والدخول إلى لبنان بطريقة غير شرعية والانتشار بين المناطق خصوصا لدى الأهل والأقارب والأصدقاء، يبدو أن الملف وضع على نار حامية مجدّداً، حيث تجري مواكبته على خطين متوازيين: الأول، أمنياً عبر تشديد المراقبة والمداهمات بين الحين والآخر، وهذا ما قام به الجيش اللبناني أخيراً بمداهمة التجمّعات والمخيمات الخاصة بالنازحين في منطقتي الغازية جنوب صيدا والعاقبية في الزهراني، حيث جرى توقيف عدد من المشتبه فيهم وضبط المخالفات سواء منها الإقامة غير الشرعية أم اقتناء أشياء محظورة وصولاً إلى الدرّاجات النارية غير المسجّلة.
والثاني، إدارياً حيث يتوقع أن تباشر البلديات بإجراء مسح جديد لتحديد أعدادهم وأسمائهم وأماكن إقامتهم وعملهم، ترجمة لاجتماع وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي مع المحافظين حيث أعطى توجيهاته للطلب من البلديات إعادة إجراء إحصاء جديد يتضمّن العدد الحقيقي مع النزوح الجديد.
في صيدا، لا يشكّل النزوح السوري عبئاً على البلدية، بعدما ارتاحت منه منذ سنوات، حين أقفلت التجمّعات الخاصة بهم ولا سيما مجمّع «الأوزاعي» عند المدخل الشمالي الذي كان يعتبر الأكبر في الجنوب، وتؤكد مصادر لـ»نداء الوطن» أن البلدية لا تملك حتى إحصاء لأعدادهم في المدينة على اعتبار أنهم لا يقيمون في تجمّعات أو مخيمات بل بشكل متفرّق، ولم يستجيبوا لدعوتها الأخيرة بالحضور إلى مبنى البلدية وتسجيل أعدادهم وأسمائهم وأماكن وجودهم. وبخلاف صيدا، يشكّل النزوح السوري في ساحل الزهراني عبئاً كبيراً على البلديات منفردة وكذلك على اتحاد بلديات المنطقة، وهو الذي تأسس عام 2010 ويضمّ 18 بلدية و23 بلدة صغرى، ويقول رئيسه ورئيس بلدية اللوبية علي مطر لـ»نداء الوطن» إن الأعداد زادت 25% إلى الثلث في الفترة الأخيرة، حيث يبلغ تعداد النازحين ما بين 50 -55 ألف في المنطقة. ويوضح أنّ زيادة العدد تعود لسببين: النزوح السوري غير الشرعي الأخير والذي طال منطقة الزهراني كما غيرها من المناطق اللبنانية، إذ لجأ نازحون إلى أقارب وأصدقاء لهم، وإلى نزوح داخلي من مناطق لبنانية أخرى، إذ يشعر النازحون أنهم يتعرضون للمضايقة حيناً أو غير مرتاحين بالإقامة حيناً آخر. ويؤكد مطر أن لا إجراءات إدارية جديدة حتى الآن وسيجري مسح جديد لهم وفق التعاميم الإدارية الأخيرة، ولن نقدم على أي خطوة فيها إجحاف، فالمنطقة مشهورة باستقطاب السوريين قبل الأزمة السورية حيث كانوا يعملون في الأراضي الزراعية، ومع الأزمة وفد الآلاف إلى أقاربهم وأصدقائهم في المنطقة حتّى باتت البلديات تنوء بتأمين خدماتهم.
وعلى امتداد قرى شرق صيدا، ينتشر النازحون السوريون من دون أي تجمعات بشرية، يستأجرون المنازل فرادى أو مجموعات لتوفير للمال، وغالبيتهم يعملون مياومين في الزراعة وأشغال البناء أو نواطير في الأبنية أو في مبانٍ قيد الإنشاء، وتجري البلديات بين الحين والآخر إحصاء لهم، وتصدر تعليمات دورية وآخرها عدم التنقل على الدرّاجات النارية غير المسجّلة أو نقل العائلة عليها والالتزام بالقوانين والنظام العام.