الجرائم تزداد… والمجرمون مدمنون
كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”:
لم يعد تعاطي المخدّرات يحصل في السرّ بعدما أصبحت هذه الآفة الخطيرة في عدد من المناطق اللبنانية سبباً في الجرائم. فالتعاطي في مناطق الشمال على غاربه. نتحدث عن حالات إدمان بين فئات عمرية صغيرة نسبياً لشباب أعمارهم ما بين 15 و25 عاماً، وقد تمّ ضبط ما يقارب 400 حالة خلال شهر أيلول في مناطق عكار وطرابلس، بحسب مصدر في قوى الأمن الداخلي. وفي مقابل انتشار المخدّرات والترويج لها، ولا سيما بين الفئات الشبابية، يُلاحَظ تراجع في حملات التوعية من قبل المعنيين، سواء القوى الأمنية أم الجمعيات ذات الصلة أم غيرها. ولم تعد الصيدليات هي المقصد الوحيد للشباب للحصول على حبوب المخدّرات، فأكشاك بيع القهوة المنتشرة على طول الطرقات شمالاً يبيع قسم كبير منها الحبوب، بل إنّ بعض أصحابها هم من كبار المروّجين لهذه الآفة بين الناس.
تقول صفاء سلامة، الخبيرة في الشأن الاجتماعي لـ»نداء الوطن»: إنّ الإدمان خطر كبير على المجتمع، لأنّ المدمن شخص مستعدّ لارتكاب أي جريمة من أجل الحصول على المال لتأمين المواد المخدّرة، وللمناسبة هو غالباً ما يكون في غير وعيه الكامل في تلك اللحظات. والقانون اللبناني يتساهل في مسألة المخدّرات، لأنه ينظر إلى المدمن بصفته مريضاً لا مجرماً، وهناك حالات كثيرة نراها في مجتمعاتنا لمدمنين أو متعاطين يستدعيهم القضاء ليخرجوا في اليوم التالي بعد إجراء فحص أو بعد تدخّل سياسي معيّن، والمؤسف أن هؤلاء لا يقبض عليهم إلا عندما يرتكبون جريمة». وتؤكد سلامة أنّ مناطق الشمال «صارت مرتعاً للمخدّرات، وأنّ التعاطي والترويج في العلن لا السرّ، وهناك شبانٌ يجلسون في سياراتهم على قارعة الطرقات ليلاً ونهاراً أمام مرأى الناس وأعين القوى الأمنية، وهذا أخطر ما في الأمر، لأنّ قسماً كبيراً منهم مسلّح، وقد يرتكب جريمة في أي لحظة، وهذا ما يفسّر انتشار الجرائم في مجتمعاتنا بهذا الشكل المخيف».
وفي السياق، أفاد مصدر أمني شمالي لـ»نداء الوطن» أنّ ما نسبته 60 إلى 70% من التوقيفات تحصل على خلفية جرائم تسبّب فيها أشخاص مدمنون ومتعاطون، وأنّ قسماً من هؤلاء هم من النازحين السوريين أيضاً».
ويرى رئيس جمعية «جاد» (شبيبة ضد المخدرات) جوزف حواط أنّ «هناك تراجعاً في أداء لبنان على مستوى القضاء على آفة المخدّرات، وهو يفشل في العلاج والتوعية، وأيضاً في دمج المدمن بالمجتمع. فكل الدول لديها ميزانيات هائلة لهذا الأمر، إلا لبنان. في المقابل الدولة لا تملك أي مركز علاج لتأهيل المدمنين بشكل رسمي إلا مركز العلاج الطبي في ضهر الباشق وهو غير كافٍ ولا يستعمل أدوية متطوّرة وذات فعالية». ويقول في حديثه لـ»نداء الوطن»: «الأموال المخصصة لجمعيات ضد المخدّرات تعطى لجمعيات على الورق، تدعمها الدولة بعفو عام عن كل ما تستورده، ومعظمها لا أحد يعلم ماذا تفعل لمواجهة آفة المخدّرات. وما زاد الطين بلّة تورّط بعض الأمنيين بالرشوة من قبل تجار المخدّرات، وهو ما يؤخّر عملنا ويشكّل عائقاً أمامنا في سعينا للقضاء على هذه الآفة. فظاهرة «الكبتاغون» كانت في لبنان في بداياتها، لكن الحرب في سوريا جعلت المصانع في لبنان تنتج ملايين الحبوب، تخيّل أنه خلال سنة ونصف سنة ضبطت شعبة الجمارك 72 مليون حبّة في مرفأ بيروت، وماذا عن باقي المرافئ وهي غير مضبوطة، وهذا تساؤل كبير يُطرح». الجدير بالذكر أنّ ثمة انتشاراً واسعاً وخطيراً للمخدرات في صفوف طلبة المدارس والجامعات في الشمال، خصوصاً في السنوات الأربع الأخيرة. وهذا الأمر يستدعي من المحافظين وقائمقامي المناطق، عقد اجتماعات مع مديري المدارس والمعاهد للتباحث في المشكلات وكيفية التعامل مع هذه الحالات وعدم تكرارها.