“بيكفّي حماس”… وإن كنتم تعلمون فالمصيبة أكبر!
كتبت سينتيا سركيس في موقع mtv:
لا يُخفي كثرٌ في لبنان كما الخارج حماسهم لمشاركة لبنان في الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة “حماس”… منشورات وصورٌ وأغانٍ تتحضّر للحرب وتشجب كلّ الدعوات لإبعادها عنّا. والسؤال هنا: أجهلٌ هو أم غباء أم ثالثة مُحرّمة؟
لم يكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ينهي كلمته يوم الجمعة الماضي، حتى توالت تنديدات كثيرة لعدم إعلانه الحرب رسميا على إسرائيل. من هؤلاء المتحمّسين بعضُ العرب الذين بدوا وكأنهم أوكلوا مهمّة تحرير فلسطين والأرض وما عليها وما فوقها للبنان… نحنُ من يتوجّب علينا أن نموت ونُذبح بأرواحنا واقتصادنا وقطاعاتنا ومستقبلنا، حتى يرتاحوا. نحن من علينا أن نسخّر دائرة الحياة في هذا البلد بين الدمار وإعادة البناء، فيما هم يتفرّجون. هؤلاء أوكلوا إلينا مهمة الموت، وحجزوا لأنفسهم مقاعد للتفرج، بكلّ وقاحة.
هم وقحون، تماما كاللبنانيين المتحمّسين للحرب، غير أن هؤلاء هم أقرب إلى “الخيانة العظمى”… وهي التهمة التي تنطبق على من بدّى مصلحة الآخرين على مصلحة بلاده. علامَ الحماس هذا ونحن في أحلك أيامنا على المستويات كافة؟ علامَ الحماس ونحن نعدّ حبوب الدواء ولا نعلم إن كنا سنجدُ في الصيدليات علبةً أخرى؟ علامَ الحماس ومدارسنا خسرت الكثير من روّادها بعد أن اختنق الاهل بالمصاريف والأقساط؟ علام يتحمّس هؤلاء، ومستشفياتنا من دون مستلزمات ونصف شعبنا هاجرَ أو يخطط للهجرة… وبرّادات كثيرة تحارب الفراغ من دون جدوى؟
فإلى من يتطلّعون إلى ذاك المستقبل الأسود، إقرأوا في دفاتر حروبنا التي لم توفّر لا البشر ولا الحجر، وأخبرونا عن الحرب التي تشتهونها.
حرب الـ1975 استمرت 15 عاما، قتل وأصيب فيها أكثر من 300 الف شخص، هُجّر فيها زهاء 500 ألف وكلّفتنا بحسب تقديرات البنك الدولي حوالى 25 مليار دولار. لم يبق بنتيجتها حجرٌ على آخر، دُمّرت البنية التحتية، إنهار قطاع الخدمات، وأصيبت السياحة في الصميم، هي التي كان يُعوّل عليها بشكل أساسي في ما كان يُسمّى حينها “سويسرا الشرق”… على الاغلب كانت هذه التسمية أكثر ما أزعج من كانوا السبب في ما حلّ بنا.
إنهارت ليرتنا بشكل دراماتيكي مُرعب، وغرقنا في تضخّم تجاوز الـ192 في المئة.
حرب تموز 2006 استمرت 33 يوما، أدت الى مقتل 1200 شخص وإصابة زهاء 4000، ولم يتحمّس أحد لدخول الحرب من اجل إنقاذنا، بل جلسوا جميعا وتفرّجوا. كلفة الحرب تلك قاربت الـ7 مليارات دولار، من بينها 1،6 مليارا خسائر المالية العامة، و3،6 مليارات نتيجة تدمير البنى التحتية التي أمعنت إسرائيل حينها في قصفها من دون أن توفّر جسرا أو طريقا أو محوّل كهرباء، فيما بلغت خسائر الناتج المحلي حوالى 2،4 مليار دولار. نزعت عنا حرب تموز إمدادات الأوكسيجين التي كانت تتمثل حينها بالاستثمارات، فكان شهرا مدمّرا كلّفنا الكثير ورفع قيمة الدين العام إلى حدود الـ41 مليار دولار.
في الماضي، كان للبنان أصدقاء يعطفون عليه أكثر من أبنائه، كانوا يبنون ما يقترفه هؤلاء “من دون علم”… اليوم، نحن متروكون لمصيرنا في واحدة من أصعب الحقبات في تاريخنا.
فرجاء لا تتحمّسوا… لأنه “إذا كنتم لا تعلمون فتلك مصيبة…. وإن كنتم تعلمون فالمصيبةُ أكبر”!