جبران باسيل يختار “حاءه”
تعيين قائد جيش في غياب رئيس الجمهوريّة جريمة بحقّ المسيحيّين. عسى ألا يجرّ جبران باسيل آخرين إلى ارتكابها.
كتب زياد مكاوي لـ “هنا لبنان”:
ارتبط شعار “حقوق المسيحيّين” بالمعارك التي خاضها رئيس التيّار الوطني الحر النائب جبران باسيل. تحت هذا الشعار، عطّل تشكيل حكومات وأخّر انتخابات رئاسيّة، ورفض أيضاً تعيين حرّاس أحراج.
يخوض باسيل اليوم معركة الإنتقام من قائد الجيش العماد جوزاف عون. سبب ذلك رفض عون تدخّل رئيس “التيّار” بشؤون الجيش. والسبب أيضاً أنّ عون، الماروني، مرشّح جدّي لرئاسة الجمهوريّة. والسبب الثالث أنّه يريد أن يعطي درساً لمن يخرجون عن سلطته: ستكون نهايتكم وخيمة!
ولا يهتمّ باسيل هنا بحقوق المسيحيّين. يريد تعيين قائد جيش من دون وجود رئيسٍ للجمهوريّة، وفي ذلك ضربة كبيرة لـ “حقوق المسيحيّين” التي حمل لواءها، إذ أنّ الرئيس في لبنان يملك صلاحيّتين مهمّتين هما التوقيع على تشكيل الحكومات وإبداء رأي حاسم في تعيين قائد الجيش، ومن بعده مدير المخابرات الذي يكون غالباً الذراع الأمنيّة للرئيس. يريد باسيل إفقاد الرئاسة هذا الحقّ، بعد أن استخدم صلاحيّة التوقيع على مراسيم تشكيل الحكومات وفق أهوائه ومصالحه.
لم يأبه باسيل لـ “حاء” الحقوق. هو اختار “حاءً” أخرى تعود لـ “الحقد”. حقده على قائد الجيش جعله يضرب ما تبقّى من رئاسة الجمهوريّة بعد “الطائف”، وتراجع عن مقاطعته لجلسات الحكومة، هو القائل، منذ ما قبل انتهاء ولاية رئيس الجمهوريّة، بأنّها غير شرعيّة. لا مبادئ هنا، ولا حقوق ولا مسيحيّين. الحقد أولاً، ومعه المصالح التي تدير هذا الرجل الذي يشكّل بأدائه خطراً على لبنان والمسيحيّين، يوازي الخطر الذي شكّله، منذ عقود، الرئيس ميشال عون الذي خاض حروباً بلا جدوى تسبّبت بمقتل وتهجير كثيرين، وعقد تسويات أساسها المصالح وهدفها الوصول الى السلطة.
وإذا كان جبران باسيل لا يأبه إلا لهذه المصالح، فإنّ القوى الأخرى، مسيحيّة وإسلاميّة، مطالبة بحماية “حقوق المسيحيّين” فعلاً لا قولاً، لا أن يشاركوا في نحر هذه الحقوق وهدر دماء المسيحيّين سياسيّاً.
تعيين قائد جيش في غياب رئيس الجمهوريّة جريمة بحقّ المسيحيّين. عسى ألا يجرّ جبران باسيل آخرين الى ارتكابها.