الجبّين مُحاصَرة بين “الفوسفوري” وأزمتها المعيشية
كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:
تصدّرت بلدة الجبّين المشهد في الأيام الماضية، إثر سقوط شهداء الصحافة والإعلام، فرح عمر وربيع المعماري وحسين عقيل. سكّانها بغالبيّتهم غادروها مع تزايد حدّة القصف، خصوصاً بالقذائف الفوسفورية التي قضت على مساحات حرجية وزراعية شاسعة. رئيس بلديتها طلال عقيل أشار إلى أنّ «الجبّين تعيش وضعاً صعباً فكل الإمدادات الحياتية شبه متوقّفة، والمحال مغلقة، والسلع شبه مفقودة، فيما يُعدّ التوجّه إلى صور لشراء الضروريات رحلة خطرة».
يستعيد الأهالي تاريخهم النضالي، فأول انتفاضة ضد المحتلّ كانت من الجبّين عام 1985 مع أول شهيد هو حسين عقيل، ومذاك تؤدي البلدة دوراً محوريّاً في المقاومة. فهي تقع على بعد 2 كلم من الحدود، ما يجعلها على خطّ النار، وتُشكّل مع شحين وطيرحرفا مثلّثاً أساسيّاً وصولاً إلى بنت جبيل.
قرية الجبّين كما يحلو لعقيل وصفها لا يتجاوز عدد سكانها المقيمين الـ1000 نسمة، 90 في المئة منهم نزح في اتجاه صور. أما البقية فقرّروا الصمود، من بينهم «الحاجة» فايزة التي تستقبلك بلكنتها القروية القديمة، قائلةً: «لوين بدنا نروح، ما في مثل بيتنا يضمّنا». تشير المرأة السبعينية إلى أنّ «الأيام تمرّ صعبة وتحديداً مع اشتداد وتيرة القصف»، إلّا أنّ ما يثلج قلبها هو التكافل والتضامن بين الأهالي، يتعاونون في إعداد رغيف الصاج، كون الخبز لا يصل إلى البلدة مثله مثل العديد من السلع. وتلفت إلى «أننا ننتظر من يأتي إلينا من صور ليجلب لنا بعض الأغراض والحاجيات».
أكثر من 15 منزلاً تعرّضت للقصف والتدمير، ومن بينها منزل رئيس البلدية، ومع ذلك يشدّد على أننا «سنبقى صامدين من أجل الدفاع عن القضية اللبنانية والفلسطينية».
أمّا ما يقلق رئيس البلدية، فهو الواقع الصحي، موضحاً أنه «إذا سقط جريح من الصعب نقله، أقرب مستشفى يقع في صور هو المستشفى الإيطالي الذي يبعد حوالى 20 كلم عن البلدة، وفي ظلّ الطيران الحربي والتجسّسي، يكون الوضع صعباً للغاية. فالعدو الإسرائيلي لا يرحم». وقال «إنّ المعاناة تزداد حدّة يوماً بعد يومٍ في ظل انقطاع المياه والكهرباء، فالبئر التي تغذّي البلدة تقع قبالة موقع العدو ويصعب تشغيلها، ما يزيد أعباء الصمود، ناهيك بغياب خدمات الدولة ودعمها، حتّى أنّ جنود «قوات الطوارئ» الذين اتصلوا بنا لمعرفة احتياجاتنا، لم يقدّموا شيئاً حتّى الآن».
ما يؤلم عقيل أيضاً، هو وضع أهالي الجبّين النازحين ومعاناتهم بسبب الإهمال وشحّ التقديمات لهم، ما دفع به الى السؤال: «أين خليّة الأزمة التي شكّلتها الدولة وما دورها؟ ألم يحن الوقت للتدخل من أجل مساعدة الفقراء ومن هم أكثر حاجة، ولكن للأسف لا توجد إدارة أزمات لدينا بل سماسرة وتجار فقط».