لا تهدئة ولا طبخة جاهزة… فكيف يمرُّ الاستحقاق الرئاسي؟
كتبت كارول سلّوم في “اللواء”:
ليس هناك من احجية في الملف الرئاسي حيال معادلة طرح الحوار، لأن المسألة بكل بساطة عصية عن الحسم بعدما أثبتت المعطيات أن الدعوة إلى هذا الحوار كما يرغب رئيس مجلس النواب نبيه بري لن تلقى التجاوب من قوى المعارضة، في حين ان قوى الممانعة تعتبره الممر الالزامي لانتخاب رئيس للبلاد. وأمام هذه المعضلة سيظل هذا الملف ينتظر على قارعة الطريق، أما المساعي الخارجية فبدورها تحتاج إلى إشارات داخلية مشجعة والا سيكتب الفشل لأي محاولة. وهذا الملف نفسه بات في دائرة الخطر نفسها ما لم تعبر التهدئة المطلوبة في حرب غزة واحداث الجنوب بسلاسة، وهذه تمر بوضع دقيق. اما المطالبة برئيس يحاور ويدير عملية الاستقرار وتنفيذ القرار ١٧٠١، وما قد تشتمل عليه فتحقيقها ليس قريبا على ما يبدو، لأنها مرتبطة بأي رئيس يختاره الأفرقاء. ولن يكون سهلا على حزب الله أن يتخلى عن تمسكه بالشخصية التي يتقارب معها، وهو ليس في وارد انتخاب رئيس من الضفة الأخرى. كل ذلك يطرح علامة استفهام حول إمكانية انجاز هذه الانتخابات قريبا. اما للتسوية فكلام آخر.
وفي خضم ذلك، تأتي زيارة وزير خارجية إيران حسين امير عبد اللهيان، وهي الثانية له في غضون أشهر قليلة، فهل تعطي دفعا جديدا للحزب وحضوره على الساحة الجنوبية بعد الحديث عن إمكانية تدعور الأوضاع على هذه الساحة،أم نتصح بالسير في الحل الديبلوماسي إذا كان متاحا.
ما يدور في اللجنة الخماسية على صعيد الاستحقاق الرئاسي لم يتبلور، كما أن أية ترتيبات جديدة لم يُفصح عنها ولا تزال الحركة تستدعي تفعيلا لها، وهذا ما يتضح في غضون اسبوعين أو أقل، لكن أي أساس يتم اعتماده، وأية عناصر جديدة من شأنها إعادة خلط الأمور، وأية اجواء عكستها زيارات الموفدين في الشق الرئاسي.
لا يمكن فصل هذا الملف عن المسعى الجاري لإرساء الاستقرار في الجنوب.، وفق ما تؤكد عليه أوساط سياسية مطلعة لـ «اللواء» وتكشف أن الموفدين الدوليين دعوا إلى الاستعجال في انتخاب رئيس الجمهورية بهدف انتظام عمل المؤسسات دون الدخول في التفاصيل، لأن اساس جولاتهم إبعاد التوتر والبحث في ما يمكن فعله، في حين أن وجود رئيس الجمهورية أساسي في المرحلة المستقبلية لاسيما أن حكومة تصريف أعمال لا يمكن أن تحل مكان رئيس الجمهورية في المسائل التي تتطلب قرارات حول نشر الجيش في منطقة الـ ١٧٠١، في حال رتب الأمر، لكن يبقى التأكد من جدية إدخال الاستحقاق الرئاسي في خطوة النضوج، معتبرة أن اللجنة الخماسية لم تقرر سحب يدها لكنها تفضل ضمان الظروف المؤاتية كي يسلك المسعى مساره، وهذا متوقف على الداخل الذي يسوده الارتباك ولم يحزم امره بعد.
وتقول الأوساط إن الإشارات الإيجابية التي كانت وردت في أعقاب لقاء مجموعة سفراء الخماسية ظلت من دون ترجمة، فما من خيارات متقدمة أو جاهزة سوى خيار الترشيحات التي يمكن أن تشكل محور توافق أو تقاطع وخارج الاصطفافات السياسية، ويبرز هنا اسم قائد الجيش العماد جوزف عون مجددا مع أسماء أخرى لا فيتو عليها من أي طرف مع إمكانية توسيع هذه الدائرة، وكل ما عدا ذلك يبقى مجرد كلام. وتدعو هذه الأوساط إلى ترقب ذكرى الرابع عشر من شباط وما يمكن أن تعلن عنها من مواقف ولاسيما للرئيس سعد الحريري الذي سمع ما صرح به نواب بشأن أهمية وجوده على الساحة السياسية، متوقع ان يواصل الحريري تعليقه العمل السياسي، ولكن ليس معروفا ما إذا كانت هناك لقاءات له مع افرقاء من الطائفة السنّيّة بشأن التوجهات المقبلة أو أنها تتركز على رسم خارطة الطريق بشأن الملفات.
إلى ذلك، تنفي مصادر نيابية معارضة عبر «اللواء» أن يكون الهدف من إشارة رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع إلى أن الدول المهمة تؤيد قائد الجيش، حرق اسمه، وتؤكد أن الجميع يدرك أن اسهم العماد عون لم تنخفض في أي مرة من المرات، وأن الإشادة التي يتلقاها قائد الجيش من مسؤولي الدول المؤثرة توحي أن دعمه مقرون بالدلائل على دوره الحالي والمستقبلي كما السابق في عدة محطات، وبالتالي لا يختلف اثنان على هذا الأمر، ومن جهة ثانية ترى أن حزب الله يستكمل جرّ لبنان إلى حرب موسعة وأن الموفدين ابلغوا المسؤولين تحذيرات من انعكاسات توسيع هذه الحرب وأن المطلوب العمل على تفادي ذلك.
لا يبدو أن الصورة الرئاسية ميالة إلى الإيجابية في حين يرتفع منسوب التوقع بمرحلة مفتوحة من المراوحة وهواجس المواجهات التصعيدية في الجنوب بين حزب الله والعدو الإسرائيلي.