تجميد اللقاءات… تأييداً لتحرّك السفراء
كتب محمد شقير في “الشرق الأوسط”:
يلقى استعداد سفراء دول المجموعة «الخماسية» لدى لبنان للقيام بجولة جديدة من اللقاءات في الأسبوع المقبل اهتمام الأوساط السياسية والدبلوماسية التي تراقب هذا التحرك لعلها تتمكن من تسجيل اختراق يمكن التأسيس عليه لإخراج الاستحقاق الرئاسي من دوامة التعطيل بانتخاب رئيس للجمهورية، خصوصاً أن مجرد الإعلان عنه، بلقاء البطريرك الماروني بشارة الراعي، ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، الاثنين المقبل، يليه لقاءات في اليوم التالي تقتصر، حتى الساعة، على رئيس الجمهورية السابق ميشال عون، ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع؛ كان وراء تريّث كتلة «الاعتدال النيابي» للانطلاق في جولة ثانية على رؤساء الكتل النيابية لتسويق المبادرة التي أطلقتها لوقف التمديد للفراغ الرئاسي.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية مواكبة عن كثب لتحرك كتلة «الاعتدال» أنها قررت إرجاء انطلاقها في جولة ثانية على رؤساء الكتل النيابية إفساحاً في المجال أمام سفراء الدول الأعضاء في «الخماسية» في محاولتهم لرفع منسوب الاهتمام بانتخاب رئيس للجمهورية وإدراجه بنداً أساسياً على جدول أعمال المعنيين بانتخابه من زاوية عدم ربطه بالجبهة المشتعلة في جنوب لبنان، امتداداً إلى الحرب الدائرة بين حركة «حماس» وإسرائيل في قطاع غزة.
ولفتت المصادر النيابية إلى أن كتلة «الاعتدال» أرجأت التواصل، الذي كان مقرراً هذا الأسبوع، ويشمل كتلتي حزبي «القوات اللبنانية»، و«الكتائب»؛ لئلا يصنّف على خانة الالتفاف على المهمة الموكلة إلى سفراء «الخماسية» الذين كانوا أجمعوا على تأييد مبادرتها انطلاقاً من أنهم يباركون أي تحرك داخلي يراد منه تسهيل انتخاب رئيس للجمهورية وعدم ربطه بحرب الاستنزاف الجارية في جنوب لبنان، رغم أن أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله باقٍ على إسناده للحرب الدائرة في غزة.
وتوقفت المصادر نفسها أمام رغبة سفراء «الخماسية»: السعودي وليد البخاري، والأميركية ليزا جونسون، والمصري علاء موسى، والفرنسي هيرفيه ماغرو، والقطري سعود بن عبد الرحمن آل ثاني، بلقاء البطريرك الماروني بشارة الراعي، والرئيس عون، وجعجع، إضافة إلى الرئيس بري، وقالت إن تركيزهم على القيادات المارونية يأتي استجابة لرغبة بكركي التي تراهن على دورهم في تعبيد الطريق أمام انتخاب الرئيس، وهذا ما يدعوها للنزول بكل ثقلها لدفعهم إلى تنعيم موقفهم والتعاطي بمرونة وانفتاح في مقاربتهم للرئاسة.
وكشفت أن سفراء «الخماسية» ينطلقون في تحركهم من أن لا مصلحة للبنان بربط انتخاب الرئيس بما سيؤول إليه الوضع على الجبهة الغزاوية، وسألت عن الأسباب الكامنة وراء تأكيد نصر الله على أنه ماضٍ في إسناد «حماس» من دون أن يتطرق إلى الاستحقاق الرئاسي، وإن كان ليس في وارد توسعة الحرب بتوفير الذرائع لإسرائيل لاستدراجه إلى توسعتها.
وأكدت المصادر النيابية أن «حزب الله» استمهل كتلة «الاعتدال» في تحديد موقفه من مبادرتها لتحريك الملف الرئاسي، وقالت إنه لن يقول كلمة الفصل في مبادرتها ما لم تتوضح آفاق الحرب الدائرة في غزة؛ لأن الحزب من وجهة نظر المعارضة، يتعاطى مع انتخاب الرئيس من الزاوية الغزاوية، ما يعني أنه يفضّل التريّث.
وبكلام آخر، فإن الحزب، كما تقول مصادر في المعارضة لـ«الشرق الأوسط»، يضغط للمجيء برئيس على قياس انقشاع الوضع على الجبهة الغزاوية من دون أن يتخلى عن تمسكه بدعم ترشيح رئيس تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، في مقابل عدم استعداده للانخراط في ترجيح كفة الخيار الرئاسي الثالث.
وحذّرت المعارضة من وجود مخطط يقضي بتمديد الشغور الرئاسي إلى ما بعد العاشر من كانون الثاني المقبل؛ أي بعد انتهاء التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون، وقالت إن بعض الأطراف المنتمية إلى محور الممانعة تدعم هذا التوجّه بذريعة أن مجرد إحالته على التقاعد سيؤدي إلى تراجع حظوظه الرئاسية بخلاف التعامل معه عربياً ودولياً، كما هو حاصل اليوم، على أنه أحد أبرز المرشحين للرئاسة.
لكن الجديد في تحرك سفراء «الخماسية» يكمن في أن قطر أبلغت من يعنيهم الأمر بأن لا مرشح لديها لرئاسة الجمهورية، بخلاف ما كان يشاع في السابق، وأن من أولوياتها حث الكتل النيابية على انتخاب الرئيس، اليوم قبل الغد، وأن هناك ضرورة، في حال التوصل إلى هدنة في غزة، تتطلب من الجميع أن يلتقطوا الفرصة لوقف تعطيل انتخاب الرئيس، إضافة إلى عدم جنوح «حزب الله» نحو توسعة الحرب.
وعليه، فإن سفراء «الخماسية» لم يقرروا تفعيل تحركهم بدعوة الكتل النيابية لانتخاب الرئيس من باب رفع العتب، وإنما لوضع انتخابه على نار حامية، وهذا يتطلب من المعنيين تقديم التسهيلات المطلوبة المؤدية إلى تذليل العقبات التي تؤخر إنجاز الاستحقاق الرئاسي.