باسيل و”الحزب”: لقاءٌ فاشل وتدهور مستمرّ
كتب داني حداد في موقع mtv:
لم يحقّق اللقاء الذي جمع النائب جبران باسيل وممثّلين عن حزب الله، قبل ثلاثة أيّام، خرقاً إيجابيّاً. العلاقة تزداد سوءاً، والشرخ يكبر. ما سُمّي تفاهم مار مخايل بات، بعد بلوغه عامه الثامن عشر، حبراً على ورق.
يقيس جبران باسيل مواقفه في ميزان الربح والخسارة. العلاقة مع حزب الله أفقدته بعضاً من شرعيّته الشعبيّة المسيحيّة. سمير جعجع المستفيد الأول. قرأ باسيل نتائج الانتخابات النيابيّة جيّداً، وبدأ عمليّة الابتعاد من ضفّة من دون أن ينتقل تماماً الى الضفّة الأخرى. ترشيح “الحزب” لسليمان فرنجيّة قذفه أبعد. بعض المقرّبين من حزب الله يعتبرون أنّ مصدر الخلاف هو هذا الترشيح، لا صلاحيّات الرئاسة المصادرة ولا التشريع في غياب الرئيس ولا التدخل في حرب غزة…
وإذا كانت العلاقة بين “الحزب” و”التيّار” شهدت اهتزازات كثيرة، منذ التفاهم، فإنّها تعيش اليوم أسوأ أيّامها وبات يصعب ترقيعها، خصوصاً في ظلّ ما تقوله كلّ جهة عن الأخرى، بعيداً عن الإعلام. كما أنّ باسيل، الذي يعبّر عن انتقاداته لـ “الحزب” في مناسباتٍ عدّة، يدرك أنّ تجنّب الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله التطرّق الى تفاصيل هذه العلاقة في الإعلام لا يعني أنّ القلوب ليست مليانة.
فقد حاول باسيل جرّ حزب الله الى سجالٍ إعلامي ممكن أن يفيده في الشارع المسيحي. لكنّ “الحزب” لم ينجرف، واكتفى بإيصال الرسائل المباشرة وغير المباشرة، وقد كشّر فيها عن أنيابه، وهو ما يُقلِق باسيل، وفق ما يعتبر بعض المقرّبين من الجانبَين.
أقسى ما في موقف حزب الله هو أنّهم لا يريدون شيئاً من باسيل. لا ينتظرون موقفاً داعماً، ولا خطوةً إيجابيّة. عين “الحزب” على مكانٍ آخر، و، يقول من هم على تواصل معه، بأنّه مرتاح ويتعامل وكأنّ انتصاره حتميّ في المعركة الدائرة، وهو يراهن على الوقت والتغيّرات الدوليّة والإقليميّة لتأمين وصول فرنجيّة الى الرئاسة، من دون أن يأبه إذا كانت الغالبيّة النيابيّة المسيحيّة تعارض ذلك.
ولكن، بغضّ النظر عن أهداف باسيل ودوافعه وما إذا كانت مواقفه ستعيد اليه بعضاً من شارعٍ فقده، فإنّه يبدو اليوم أكثر انسجاماً مع نفسه وأفكاره وحتى تاريخه، وخصوصاً تاريخ التيّار الوطني الحر في مرحلة ما قبل العام ٢٠٠٥ التي افتتحت موسم التسويات التي استمرّت حتى وصول العماد ميشال عون إلى رئاسة الجمهوريّة.
لا وحدة الساحات تشبهه، ولا تغطية الفاسدين تلائمه، ولا بعض المواقف التي تصدر عن بعض من كانوا أو ما زالوا مقرّبين منه، وفيها الكثير من التزلّف تجاه حرب الله.
لكنّ تحدّي باسيل الأكبر هو أن يربح ما خسره مسيحيّاً، وإلا سيكون كمن يخسر الدنيا من دون أن يربح الآخرة.