اللبنانيّون مشاريع ضحايا… فهل السلاح الفردي هو الحل؟
كتب نادر حجاز في موقع mtv:
بات الأمن الشخصي هاجساً كبيراً يلاحق اللبنانيين والعائلات، في ظلّ مسلسل السرقات والجرائم المتنقلة والتي تهدّدهم حتى داخل بيوتهم، وما حصل في الأشرفية والعزونية خير دليل على حجم الخطر.
يُسجَّل للأجهزة الأمنية نجاحها بكشف المجرمين خلال فترة زمنية قياسية، إلا أن هذا لا يشكل لوحده مصدر أمان، طالما الأمن الإستباقي ضعيف ولا إجراءات قضائية صارمة تردع المرتكبين، ولا قرارات تنفيذية حازمة تضبط وجود السوريين في كافة المناطق.
وإلى ذلك الحين بات قلق الناس مشروعاً، كما بحثهم عن وسائل الحماية الشخصية. وهنا تبرز التجربة الأميركية، حيث يجيز قانون بعض الولايات الأميركيّة حيازة الأسلحة الفردية، والذي أُدخل عليه تعديلات كثيرة أخيراً لضبط الفوضى، لما يشكّله من سلبيات توازي الإيجابيات. فماذا عن لبنان؟ وماذا يقول القانون بهذا الخصوص؟
شدّد المحامي سليمان مالك على أن السلاح هو سيف ذو حدّين، والرهان دائماً يجب أن يكون على الدولة وأجهزتها الأمنية وفرض هيبة الدولة للحد من الجرائم ومعاقبة الجناة. وأوضح أن المرسوم الإشتراعي رقم ١٣٧ الصادر في تاريخ ١٢ حزيران ١٩٥٩ والمتعلّق بالأسلحة والذخائر، ينظّم كافة المسائل المتعلقة بالأسلحة بالإستناد الى التصنيف المحدّد بثلاثة أنواع، وهي المعدات والأسلحة والذخائر الحربية، الأسلحة والذخائر غير الحربية والمتفجرات والبارود ولوازمها.
وأشار مالك، في حديث لموقع mtv، إلى أن هذه الأنواع تُقسم إلى ٩ فئات، ما يهمنا منها الآتي:
١- الفئة الأولى، الأسلحة والذخائر المعدة للاستعمال في الحرب، وهي البنادق الرشاشات والبنادق الرشاشة وغيرها.
٢- الفئة الرابعة، وهي الأسلحة والذخائر التي لا تعتبر حربية، ومنها المسدسات، الذخائر المحشوة أو غير المحشوة المعدة لهذه المسدسات والأمشاط والمواسير، كما الحراب والسيوف والرماح.
٣- الفئة الخامسة، وهي الأسلحة والذخائر النارية المعدة للصيد.
وعن الشروط المطلوبة لإجازة حمل وحيازة السلاح، لفت مالك الى أنه لا تُعطى إجازة لحمل أو حيازة السلاح والذخائر من أي فئة إلا للأشخاص البالغين من العمر ثماني عشرة سنة على الأقل. أما أسلحة الصيد فيرخص بها لمن أتم السادسة عشرة من عمره على مسؤولية وليه ويشترط أن لا يكون الطالب:
١- قد أصيب بأحد الأمراض العقلية.
٢- أن لا يكون محكوماً بحرمانه من الحقوق المدنية او بجناية أو بجرم من الجرائم الشائنة.
٣- أن لا يكون محكوماً بمنعه من حمل السلاح أو من أجل الجرائم الماسة بأمن الدولة.
٤- إذا كان أجنبياً، أن لا يكون استهدف لقرار بمنع الاقامة او بالإخراج من البلاد.
٥- ألا يكون محكوماً تكراراً من أجل مخالفة أحكام المرسوم المتعلق بالأسلحة والذخائر.
وعن الجهة المختصة لمنح الترخيص، يقول مالك: “ورد في الفصل الرابع من هذا المرسوم، في المادة ٢٤ منه، بأنه يحظر نقل الأسلحة والذخائر أو حيازتها والمنصوص عليها في الفئة الرابعة في الأراضي اللبنانية ما لم يكن حائزاً على رخصة من قيادة الجيش. أما القائمقام يعطي رخصة حيازة ونقل السلاح المتعلق بالفئة الخامسة، بحيث تكون هذه الرخصة شخصية تعطى لمرة واحدة ولا يبطل مفعولها إلا بالوفاة أو بفقدان صاحبها الشروط المنصوص. أما الرخصة المتعلقة بحيازة ونقل السلاح والذخيرة من الفئة الرابعة فتعطى لسنة واحدة ويجوز تجديدها.
بينما، في ما يتعلق بالمعدات والأسلحة والذخائر الواردة ضمن الفئتين الأولى والثانية لا يرخص لأحد باقتنائها أوحيازتها أو نقلها، إلا في حال اضطراب الأمن أو في الحالات المنصوص عليها في الفصل الثاني المتعلق بصناعة هذه المعدات وتجارتها. وهذه الرخصة تعطى بناء على قرار وزير الدفاع الوطني”.
إلا أن انتشار السلاح بين أيدي الناس أمر بغاية الخطورة حتى ولو كان من أجل الحماية الشخصية. وهنا يشدد مالك على أن الأهم أنّ هناك جزاء يترتب على مَن يخالف بعض أحكام المرسوم الاشتراعي رقم ١٣٧/ ١٩٥٩ المتعلق بالأسلحة والذخائر، لجهة تصنيع ونقل أو حيازة أو إطلاق النار وغيره بحيث تعاقب المادة ٧٢ منه وما يليها على هذه الجرائم بالسجن والغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين.
في المقابل، وفي ما فوضى السلاح حدّث ولا حرج لا سيما وأن آلية الاستحصال على رخصة قانونية قد لا تكون في متناول جميع المواطنين وتلعب “الواسطة” دورها فيها، فإن السوق السوداء تزدحم بتجار السلاح وبما طاب للزبائن من البضاعة الجيدة إلى الرديئة، ولا يتكلّف الزبون الكثير من العناء لإيجاد طلبه.
وعلم موقع mtv أن “المسدس التركي” هو الأرخص ويبدأ سعره من ٢٥٠ دولاراً، وإن كان يُباع في المناطق الميسورة بحوالى 600 دولار.
إلا أن المسدسات ذات الجودة، كالفايكينغ الروسي Viking والماكاروف الروسي Makarov وتوغاريف الروسي Tokarev فتبدأ أسعارها من ٩٠٠ دولار.
وأما المسدسات الحربية المميزة فأسعارها تتخطّى الـ3000 دولار، كمسدس “جلوك” Glock النمساوي، أو “فرد الـ١٤” البلجيكي والمعروف في السوق بإسم “أبو حلقة” وهو من أجود الأنواع.
وقد سجّل الفترة الأخيرة ارتفاعٌ في أسعار الأسلحة الحربية بحدود 5 في المئة تقريباً، ما يمكن أن يؤشر إلى ارتفاع في الطلب.
ليس المقصود بهذه السطور المناداة بالأمن الذاتي بما فيه من أبعاد مناطقية وطائفية، إنما ما يجيزه القانون لتوفير الأمن الشخصي دفاعاً عن النفس في ظل التفلّت القاتل والذي تجاوز الحرمات، وحوّل الجميع إلى مشروع ضحية في أي لحظة.