إتفاق هوكشتاين بات جاهزاً.. وينتظر وقف إطلاق النار في غزّة
يحتّل موضوع إنجاز الإتفاق حول الحدود البريّة بين لبنان والعدو الإسرائيل الأولوية في لبنان بهدف استعادة الأمن والإستقرار، ولكن ليس الآن… إنّما بعد حرب غزّة. فحزب الله ليس في وارد مناقشة أي إقتراح قبل وقف إطلاق النار.. ويأتي حتماً بموازاة السعي لحلّ ملف النازحين السوريين الذي عاد الى الواجهة مع “هبة المليار يورو” التي أثارت جدلاً واسعاً على الساحتين الداخلية والأوروبية، وجرت مناقشته امس الأربعاء في مجلس النوّاب. وإذ يتحدّث البعض عن أنّ عودة كبير المستشارين لشؤون أمن الطاقة في البيت الأبيض آموس هوكشتاين الى لبنان ستحصل في حزيران المقبل في زيارة وداعية، كونه لم يتمكّن من إنجاز أي إتفاق حول الحدود البريّة، ألمح الوسيط الأميركي نفسه الى أنّ “اتفاق الحدود البريّة بات جاهزاً”، ولا يحتاج على ما يبدو، سوى لبعض التعديلات والتنقيحات عليه، على أن يحصل هذا الأمر بعد انتهاء حرب غزّة فوراً.
أوساط ديبلوماسية واسعة الإطلاع كشفت عن محادثات هوكشتاين مع الوفد النيابي الذي زار واشنطن أخيراً، فذكرت بأنّه أبلغ الوفد بأنّ “إسرائيل” لن توقف الطلعات الجويّة فوق جنوب لبنان، وهذا يعني تطبيق القرار 1701، على ما كان عليه قبل 8 تشرين الأول الفائت تاريخ بدء المواجهات العسكرية بين حزب الله و”إسرائيل”، كجبهة مساندة لحركة حماس التي قامت بعملية طوفان الأقصى قبل يوم واحد. ويعلم الوسيط الأميركي من خلال محادثاته مع المسؤولين في لبنان أنّ حزب الله في المقابل، لن يتراجع 10 كيلومترات عن الحدود من جنوب الليطاني الى شماله، الأمر الذي سيجعل الوضع مستمراً على ما هو عليه الآن، إذ لا يُمكن لـ “الإسرائيليين” فرض شروطهم على الحزب إنّما العكس، ولأنّ أي من الطرفين لن يلتزم.
وإذا كان أي من الطرفين لن يلتزم بتطبيق القرار 1701 كاملاً، فعلى ماذا استند هوكشتاين في الإتفاق الجاهزالبديل عن القرار الأممي، تُجيب الاوساط أنّ لا أحد يمكنه شطب القرار 1701 من المعادلة. فهذا الأخير هو إتفاق أقرّ بالإجماع في مجلس الأمن الدولي بعد حرب تموز- آب 2006 ، بهدف وقف الأعمال العدائية بين حزب الله والعدو الاسرائيلي، ولا يمكن اليوم لأي اقتراح أو إتفاقية تجاوزه. وكلّ ما يستطيع هوكشتاين أو سواه فعله، هو البناء عليه للخروج بإتفاق ما. أمّا الإصرار “الإسرائيلي” على الطلعات الجوية وانتهاك السيادة اللبنانية وخرقه القرار المذكور، أي عدم الإلتزام به، فيحول دون تطبيق هذا القرار من قبل العدو.
والسؤال المطروح اليوم، على ما تابعت الأوساط عينها، هو: لماذا طالب الأميركيون والفرنسيون بتطبيق القرار 1701 منذ أشهر عدّة، وأصبح فجأة جميع السياسيين اللبنانيين يردّدون بأنّه لا بدّ من تطبيقه. والآن تراجعت كلّ من واشنطن وباريس وبدأت تتحدثّان عن أنّه لا يمكن تطبيقه كما هو؟ هل لأّن “الثنائي الشيعي” وافق وطالب بتطبيق القرار المذكور كاملاً، بما فيها وقف الطلعات الجويّة، فدرست “إسرائيل” الموضوع، ووجدت أنّه لا يمكنها تطبيقه بجميع مندرجاته؟
وّيعلم هوكشتاين تماماً، وفق الأوساط الديبلوماسية المطلعة، أنّ موقف لبنان هو تطبيق القرار 1701 من الجانبين، أي أن تُنفّذ بنوده بالتوازي على طرفي الحدود. كما أن يكون منطلقاً لأي إتفاق على النقاط الـ 13 المتنازع عليها، فضلاً عن نقطة الـ “بي.وان”، وصولاً الى اتفاقية الهدنة، على أن يجري لاحقاً البحث في حلّ مسألة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والقسم الشمالي من بلدة الغجر. ولهذا تمكّن من الوصول الى مرحلة متقدّمة في التفاهم، على ما يُشيع، ولكن يبقى العائق الوحيد هو وقف إطلاق النار في غزّة وفي جنوب لبنان.
وذكرت الاوساط بأنّ هوكشتاين يملك اليوم تصوّراً لورقة الاتفاق التي سبق له أن ناقشها مع المسؤولين اللبنانيين عن الحدود البرية، ولهذا هو عائد كونه يعتبر أنّ التفاهم بات حاصلاً، ولم يعد ينقصه سوى بعض التعديلات أو التنقيحات الطفيفة عليه، سيما بعد أن جرى التوافق على الحفاظ على أمن الحدود من الجانبين. وهذا ليس مستغرباً من الوسيط الأميركي الذي نجح في إنجاز إتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان و”إسرائيل”.. يبقى أنّ إنجاز الإتفاق البرّي يحتاج الى قرار وقف إطلاق النار في غزّة أوّلاً، وإلّا فلا بحث في أي تفاهم.