لقاءات بعيدة عن الأضواء لسفراء “الخماسية”
جاء في “الديار”:
إعتبر رئيس مجلس النواب نبيه برّي أن حكومة الجيش الإسرائيلي تسعى لضرب مساعي وقف العدوان القائم في الأراضي المُحتلّة. وفي كلمة له في ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر ورفيقيه، قال الرئيس برّي أن نتنياهو وحكومته «تغتال أي مسعى لوقف الحرب كما تمارس شريعة قتل الأغيار التي تؤمّن الأرضية العقائدية لإبادة الشعب الفلسطيني»، مُضيفًا «حرب حكومته العنصرية على غزة هي محاولة مكشوفة لفرض وقائع جغرافية جديدة في المنطقة». وشدد الرئيس برّي على ضرورة صمود غزّة لأن سقوطها سيكون «مدوّياً للأمة في أمنها القومي وثقافتها وتاريخها وحدودها الجغرافية وسيكون تمهيداً لتقسيم المنطقة إلى دويلات تكون فيها إسرائيل هي الأقوى». وإذ شدد على الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني، قال برّي إن «الإبادة التي تشنّها آلة القتل الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني في الضفة ليست أقل خطورة ممّا يحصل في غزّة».
الإستحقاق الرئاسي
لبنانيًا، جدّد الرئيس برّي دعوته إلى الحوار ومن ثمّ إنتخاب رئيس للجمهورية، ودعى رئيس مجلس النواب نبيه بري الى مبادرته الرئاسية، قائلاً «نعود ونؤكد على ما طرحناه في 31 آب الماضي فالدعوة لا تزال قائمة إلى الحوار أو التشاور ثم دورات متتالية لإنتخاب رئيس للجمهورية». وأضاف برّي أن «إنتخاب رئيس هو إستحقاق دستوري داخلي لا علاقة له بغزة والحرب في الجنوب ويجب على كافة الأطراف السياسية والبرلمانية المبادرة لإلتقاط اللحظة الراهنة لإنجاز الإستحقاق الدستوري في أسرع وقت ممكن تحت سقف الدستور وبالتشاور بين الجميع دون إملاء أو وضع فيتو على أحد «. ودعا الرئيس برّي من جديد كافة الأفرقاء اللبنانيين إلى الحوار أو التشاور لأيام معدودة يليها دورات متتالية بنصاب دستوري دون إفقاده من أي طرف كان، قائلًا: «تعالوا غدًا إلى التشاور تحت سقف البرلمان، وصولًا الى رئيس وطني جامع يستحقه لبنان واللبنانيون في هذه اللحظة الحرجة من تاريخه».
وواكب هذه الدعوة التي جدّدها رئيس المجلس النيابي نبيه برّي حراك للجّنة الخماسية مُمثّلة بسفرائها في لبنان. وبحسب مصادر مُطّلعة لجريدة «الديار»، حصلت لقاءات ثنائية بعيدة عن الأضواء بين بعض السفراء بدفعٍ فرنسي – أميركي، سيتمّ ترجمتها بلقاءات مع المسؤولين اللبنانيين في الأيام القادمة. وإعتبرت المصادر أن الواقع الحالي يفرض ثقله على السياسيين وعلى الأخص المُعارضة، لدرجة لن يكون من السهل التملّص من مسؤولياتهم تجاه ما يحصل من إنهيار لمقومات الدولة بغياب رئيس للجمهورية وحكومة أصيلة وغياب العمل التشّريعي للمجلس النيابي.
مصدر نيابي وفي معرض تعليقه على إعادة إحياء الرئيس برّي لمبادرته، يجب على المعارضة الإنتباه إلى أن «عدم تلبية الدعوة هذه المرّة سيكون له تداعيات على صعيد توازن القوى عند إنتهاء الحرب في غزّة وجنوب لبنان». وأضاف في حديث لجريدة «الديار»، «النتائج الميدانية ستنعكس حكمًا في اللعبة السياسية بعد إنتهاء المواجهات مع العدو ولن تكون المعارضة مرتاحة لذلك».
وفي نفسّ السياق، قال مرجع إقتصادي لجريدة «الديار» إن الإستمرار في الوضع الحالي سيكون له تداعيات مالية وإقتصادية هائلة على مدى العقود القادمة سواء من باب الدين العام والضرائب ومصير الودائع أو من باب النهوض الاقتصادي مع خسارة لبنان للعديد من الفرص الاقتصادية على الصعيد الإستراتيجي الإقليمي. وإذّ حمّل المرجع الاقتصادي مسؤولية ما يحصل إلى القوى السياسية «من دون تمييز»، قال إن هذه القوى لا يُمّكنها البقاء على مواقفها خدّمة لمصالحها أو مصالح الخارج ضاربة بعرض الحائط مصالح الشعب اللبناني وبالتالي يتوجّب عليها تلبية الدعوة والخروج بحلّ مُرضي للشعب اللبناني.
القصف الإسرائيلي
إستمر القصف الإسرائيلي على الجبهات الثلاث غزّة والضفة الغربية والجنوب اللبناني حيث تخوّف البعض من إتساع جبهة الضفة إلى جبهة شبيهة بجبهة غزّة. إلا أن مصدرا عسكريا شكّك في قدرة الجيش الإسرائيلي على تحمّل الجبهات الثلاث في آن واحد خصوصًا أن هناك إستنزافا لقواه على الجبهتين اللبنانية والغزّاوية. على هذا الصعيد قال الرئيس برّي أن ما يجري في الجنوب ليس حوادث بل هو «عدوان إسرائيلي مكتمل الأركان»، مُشدّدًا على إلتزام لبنان ببنود القرار الدولي 1701 وتطبيقه حرفياً وإرغام إسرائيل على الإلتزام به وهي التي «سجلت رقماً قياسياً بانتهاك القرارات الدولية ومن بينها 1701 الذي خرقته اكتر من 30 ألف مرة».
وإشتعلت الجبهات أمس بعد أن قام الجيش الإسرائيلي بعدوان طال جبهة غزّة والضفة والجنوب اللبناني. وقصفت مدفعية العدو أطراف بلدة شمع واودية بلدة مجدل زون بعشرات القذائف، وحلق الطيران الاستطلاعي الإسرائيلي فوق قرى القطاعين الغربي والاوسط. وألقت درونات تابعة لجيش الاحتلال مواد حارقة على حرش يارون وأطراف الناقورة وأشعلت حرائق واسعة. وأغار طيران اسرائيلي على أطراف مركبا ومحيبيب وعيتا الشعب، كما وقصف العدو بالمدفعية الطيبة ودير سريان. هذا الأمر إستدعى ردًا من
قبل حزب الله الذي قصف المرج بالأسلحة الصاروخية مُحقّقًا إصابات مباشرة، كما أطلق الحزب وابلا من الصواريخ على الجليل الغربي.
إلى هذا واصل الجيش الاسرائيلي عدوانه على غزّة والضفة الغربية وقام بعملية واسعة في مخيمّ جنين حيث دارت معارك بين المقاومة الفلسطينية والجيش الاسرائيلي في حي الجابريات في مدينة جنين وقُتل جندي إسرائيلي وأصيب آخرون. وفي هذا السياق دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى وقف فوري للعملية الإسرائيلية في الضفة الغربية، داعيًا حكومة اسرائيل إلى حماية المدنيين. وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية أسفر العدوان الإسرائيلي عن إستشهاد أكثر من 650 فلسطينيا في الضفة الغربية منذ إندلاع الحرب. أمّا عدوان جيش الاحتلال على غزّة البارحة فقد أسفر عن إستشهاد 41 شخصًا وبحسب قناة الجزيرة.
تلقيح أطفال غزّة
وبدأت أمس عملية تلقيح أطفال غزّة والتي من المفروض أن تُوقف عدوان جيش الاحتلال الإسرائيلي على القطاع بضغطٍ دولي حتى يتمّ تلقيح ما لا يقل عن 90% من الأطفال ضدّ شلل الأطفال الذي عاد إلى الظهور في دير البلح بعد غياب 25 عامًا. وبحسب مصادر فلسطينية فإن عملية التلقيح بدأت في المنطقة الوسطى في قطاع غزّة حيث أرسلت الأمم المُتحدة مليون ومئتي جرعة عبارة عن قطرات فموية.
ذكرى الإمام موسى الصدر
وصادف أمس الذكرى الـ 46 لتغييب الإمام موسى الصدر والمرّة الثالثة من دون حضور جماهيري نظرًا للأوضاع الراهنة. وقال رئيس المجلس النيابي نبيه برّي: «…من على منبر الإمام الصدر والذي للحقيقة ومنذ لحظة جريمة إخفائه الغادرة لم أجده قوي الحضور، كما حضوره في هذه اللحظة المصيرية والدقيقة التي يمر بها وطننا وأمتنا وإنساننا، حضوراً بطيفه وصوته وصرخته ورؤياه، وكأني به يحاول دون يأس وقبل فوات الاوان إستنهاض الأمة من سباتها علها تنقذ تاريخها وتصون حاضرها وتؤسس لصناعة مستقبلها. ليتهم أصغوا اليه حينما صرخ في برية العرب والعالم قائلاً: إن إنقاذ المقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين، والسعي لتحرير الإنسان فيها هو سعي لتحرير سمعة الله في الأرض، وإن تنازل المسيحي والمسلم عن القدس هو تنازل عن قيم المسيحية والإسلام».
وكان للعديد من الشخصيات مواقف تستذكر الإمام المُغيّب على مثال وزير الصناعة جورج بوشكيان الذي قال إن «ذكراه حاضرة غير مُغيَّبة، مواقفه الوطنية تستعاد يومياً، أقواله محفورة في الذاكرة والقلوب والوجدان». أما عضو كتلة التنمية والتحرير النائب الدكتور قاسم هاشم فقد قال في تصريح «ان اللبنانيين يستحضرون اليوم ذكرى قامة وقيمة وطنية عربية وانسانية ملأت المساحة حضورا رغم الغياب، الامام الصدر كان قائدا مؤثرا في كل زمن يغرف من الام وامال شعبه ويحملها بصدق وعنفوان على مساحة الوطن من جنوبه الى شماله ومن شرقه الى غربه، وكان حاضرا اينما تطلب الحضور من حدود القاع الى قمم العرقوب من شبعا وكفرشوبا كما صور وبعلبك وبيروت، لذلك اقل الوفاء ولو بكلمة ووقفة ان نتعاطى مع هذه الذكرى بمستواها الوطني والانساني، فما حمله الامام الصدر من فكر ورؤية ومنهجية هو نبراس ومشعل يضيئ دروب اللبنانيين للحق والكرامة والعدالة». أمّا رئيس «تيار الكرامة» النائب فيصل كرامي فقال إن «ذكرى تغييب الامام موسى الصدر تحلّ هذا العام ولبنان يشهدُ أبرز وأخطر إشكاليتين حسمهما الإمام المُغيّب. الإشكالية الأولى هي الوحدة الوطنية وكان الامام الصدر ناشطاً قولاً وفِعلاً في تأكيد وتجسيد الوحدة بين كل أطياف الشعب اللبناني. والإشكالية الثانية القول الفصل والحاسم للامام الصدر بأنّ اسرائيل هي عدوّ الأمة وهي العدوّ الأكبر والوجودي للبنان».