دولرة فواتير الكهرباء جائزة قانونياً إذا ظهر المبلغ بالليرة!
كتبت باتريسيا جلاد في “نداء الوطن”:
بعد انسداد الأفق حيال الإفراج عن أموال جباية الكهرباء المودعة في حساب مؤسسة كهرباء لبنان في مصرف لبنان والبالغة لغاية 16 الجاري 2,517 تريليون ليرة والمطلوب تحويلها الى دولار، انكبت المؤسسة على إعداد حلّ تزامناً مع الدولرة ، بإجازة تسديد الفواتير بالدولار الأميركي أو بالليرة اللبنانية. وبذلك وفي حال الإقدام على تلك الخطة يكون قطاع الكهرباء دخل بدوره في دائرة الدولرة .
ويعتبر ذلك الحلّ شبه الوحيد في الوضع الراهن لتتمكن مؤسسة كهرباء لبنان من شراء الفيول وتسديد مستحقات شركات مقدمي الخدمات والصيانة بالدولار من دون الحاجة الى تحويل الأموال المودعة في مصرف لبنان الى دولار.
وعلمت «نداء الوطن» من مصادر مؤسسة الكهرباء أن كتاباً أعدته في هذا الإطار وسترفعه الى هيئة التشريع والإستشارات في وزارة العدل تفنّد فيه الأسباب الموجبة للجباية بالدولار لمن يرغب بالدفع بتلك العملة. إلا أنها عادت وأكّدت أن تلك المسألة في حال الموافقة عليها ستأخذ بعض الوقت ولن يتمّ السير بها آنياً، بل من الممكن إذا سلك الملفّ طريق الإقرار أن تجهز مؤسسة الكهرباء خلال شهرين.
ولكن هل يجوز تقاضي مؤسسة الكهرباء الفاتورة الكهربائية بالدولار وبالليرة على حدّ سواء؟
إستند رئيس منظمة جوستيسيا للإنماء وحقوق الإنسان المحامي د. بول مرقص خلال حديثه الى «نداء الوطن» الى النصوص التشريعية اللبنانية المرعية الإجراء لا سيّما التي ترعى هذا الموضوع، فقال إن معرفة مدى قانونية تقاضي بدل فاتورة الكهرباء بالدولار تستند الى النقاط التالية:
1. قانون حماية المستهلك (القانون رقم 659 الصادر في 4/2/2005) الذي يطبق أيضاً على أشخاص القطاع العام، الذين يمارسون نشاطاً يتمثل بوزيع أو بيع أو تأجير السلع أو تقديم الخدمات، يلزم المحترف في المادة /5/ منه بالاعلان عن الثمن بالليرة اللبنانية بشكل ظاهر. هذا يعني أن نية المشرع تهدف من خلال نص هذه المادة إلى تمكين المستهلك من معرفة ثمن السلعة أو الخدمة بالليرة اللبنانية.
2. لم يمنع القانون بصراحة التسعير بالدولار إلى جانب الليرة، وبالتالي لا يعتبر التسعير بالدولار بحد ذاته إجراء غير قانوني، أو مخالفة لأحكام القانون. إلاّ أنه يُصبح غير قانوني في حال رفض القبض بالليرة اللبنانية، أي بحال إلزام المواطنين الدفع بالدولار حصراً وهو الأمر الذي يعتبر مخالفاً لأحكام القوانين لا سيّما المواد /1/ و /7/ و/192/ من قانون النقد والتسليف وانشاء المصرف المركزي (المرسوم رقم 13513 الصادر في 1/8/1963 وتعديلاته)، التي تعطي الأوراق النقدية اللبنانية قوة ابرائية غير محدودة في أراضي الجمهورية اللبنانية وتعاقب كل من يمتنع عن قبول العملة اللبنانية بالشروط المحدّدة بالعقوبات المنصوص عليها بالمادة /319/ من قانون العقوبات اللبناني (المرسوم الاشتراعي رقم 340 – الصادر في 1/3/1943 وتعديلاته).
3.التسعير بعملة مستقرة كالدولار الأميركي يسهّل على المواطن (المستهلك) والدولة احتساب الفاتورة والمقارنة بين الأسعار المُعلنة كل شهر مثلاً وعلى نحو مستمر وبعملة ثابتة حسب سعر الصرف المعتمد. الأمر الذي من المفترض أن يؤدّي إلى تخفيض الأسعار تلقائياً عند انخفاض سعر الصرف واستقرار الأسعار لهذه الجهة».
الإلزام بالدفع بالدولار
مخالف للقانون
وعليه، يرى مرقص أنه «ليس هناك ما يمنع التسعير بالدولار الأميركي شرط أن يتم إظهار الثمن بالليرة اللبنانية بالمقابل، بحيث يتمكن المشترك من تحديد الثمن والدفع بالليرة اللبنانية، وإلّا تعتبر بمثابة إلزام للدفع بالدولار حصراً وهو الأمر المخالف والمجرّم في القانون اللبناني. وأكّد ذلك التعميم رقم 7/1/أ.ت الصادر بتاريخ 6/11/2019 عن وزير الاقتصاد والتجارة، والذي ينص في فقرته الأخيرة على ما يلي: … «إن أي إشارة إلى عملة غير الليرة اللبنانية في الإعلان عن الأسعار تُعتبر من قبيل أخذ العلم فقط، ولا يُعتد بها على الإطلاق.»
إلاّ أن الإشكالية التي ستترتب هنا تتمثّل بتحديد سعر الصرف الذي سيعتمد في الدفع، وفي هذا السياق يقول مرقص «إن أسعار الصرف المطروحة حالياً تبقى غير قانونية ما دامت لم تقرّ بموجب قانون في مجلس النواب وفقاً لأحكام المادتين 2 و229 من قانون النقد والتسليف وانشاء المصرف المركزي، ومع مراعاة مبدأي العدالة والإنصاف. وبالتالي اذا كان سيتمّ اعتماد سعر صرف محدّد في «الفوترة الكهربائية» عندها يتطلب ذلك قانوناً، أما التسعير بالدولار فلا يتطلب قانوناً».
وفي الغضون اعتبر أن «التسعير بالدولار الأميركي في بلد يفتقد له ولوسائل الإنتاج ويعاني من شح بالعملة الأجنبية بشكل عام ومن أزمة اقتصادية خانقة، ليس الحل القانوني ولا الاقتصادي الأنسب لحماية المستهلك ولازدهار الإقتصاد، إلاّ أنه أهون الشرّين للمساهمة في عملية استقرار الأسعار».
اذا تمت دولرة فواتير الكهرباء، فإن قيمة العملة ستعمّق هوتها، ولكن في المقابل سيخفّ الضغط على الدولار «الواقف إصطناعياً» على «الشوار» في السوق السوداء، و يخلّص مؤسسة الكهرباء من طلب تحويل الأموال المجباة بالعملة الوطنية الى دولار، باعتبار أن عدداً كبيراً من اللبنانيين سيسدد الفاتورة بالدولار النقدي.