النواب “الرماديّون” يردّون: إعتذِروا!
كتبت بولا أسطيح في “الشرق الأوسط”:
لا تزال قوى المعارضة وعلى رأسها «القوات اللبنانية» و«الكتائب»، مقتنعة بأهمية استقطاب أصوات النواب الذين باتوا يعرفون بـ«الرماديين»، وهم من قرروا في الجلسة الأخيرة التي عقدت لانتخاب رئيس للجمهورية والتي شهدت كباشاً كبيراً بين «الثنائي الشيعي» وحلفائه من جهة، وقوى المعارضة و«التيار الوطني الحر» من جهة أخرى، عدم التصويت لأي من مرشحَي الطرفين، رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية والوزير السابق جهاد أزعور.
وحصل أزعور في تلك الجلسة على 59 صوتاً مقابل 51 لفرنجية، وتوزعت بقية الأصوات بين 6 لزياد بارود، و8 أصوات لشعار «لبنان الجديد»، وصوت واحد لجوزيف عون، بالإضافة إلى تسجيل ورقة ملغاة، وورقة بيضاء، وأخرى ضائعة.
وتعد المعارضة أنه لو صوّت هؤلاء النواب الـ18 الذين لم يضعوا اسم أزعور أو فرنجية للأول، لكان تمكن من الفوز بدورة ثانية بـ65 صوتاً.
وكان لافتاً الهجوم الذي شنه أخيرا النائب في تكتل «الجمهورية القوية» جورج عقيص على هؤلاء النواب، إذ تساءل في تغريدة له قائلاً: «الناس الذين في النصف ماذا ينتظرون؟ نحن أخذنا موقفاً والفريق الثاني لديه موقفه… الذين في النصف ما موقفهم بالتحديد؟»، وأضاف: «الحل في لبنان بيد حفنة من الرماديين، المائعين، المرتبكين، المحتارين، المترددين، الخانعين. يا شعب لبنان ركز على هؤلاء… إنهم لا يتجاوزون الـ20 نائباً، أمقتهم وألفظهم كالمياه الفاترة».
ورد النائب أحمد الخير، عضو تكتل «الاعتدال الوطني» الذي يضم 6 نواب ولم يصوت لأي من المرشحَيْن، على عقيص، فقال: «موقف عقيص مرفوض وموتور ومردود له وللقوات. من السهل الرد عليه من الزملاء النواب بالأسلوب نفسه، لكن كما يقال (الإناء ينضح بما فيه)، وهذا الموقف يدل في السياسة على مدى أزمة القوات في خياراتها الرئاسية منذ بداية الاستحقاق، لا سيما بعد سقوط خيارها الأول، وعجزها اليوم عن تأمين الأصوات الكافية لخيارها الثاني، في ظل الخشية من تبدل موقف جبران باسيل بنتيجة حواره مع حزب الله».
وطالب الخير في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، قيادة «القوات» بـ«إصدار توضيح يتضمن اعتذاراً للزملاء النواب الذين وصفهم عقيص بنعوت معيبة»، معتبراً أن «عدم صدور أي موقف توضيحي يشكل إدانة للقوات بتخوين الآخرين والتهجم عليهم ومحاولة ترهيبهم بالسياسة كما يفعل حزب الله في تخوين كل من يخالفه الرأي». وأضاف: «نحن في منطقة التوافق، والتوافق القائم على الحوار وليس على التهجم والتخوين. نحن من موقعنا نقوم بواجباتنا الدستورية في المشاركة في كل الجلسات لانتخاب الرئيس، ولن نكون في أي يوم في موقع تعطيل النصاب إذا استطاع أي طرف تأمين الأصوات الكافية لفوز مرشحه. وعلى الجميع، تحديداً القوات بعد كلام عقيص، أن تحترم موقفنا بأننا خارج أي اصطفاف، وأن تكف عن المواقف الاستفزازية على شاكلة موقف عقيص كي لا يكون لنا كلام آخر، لأن من يدق بابنا سيسمع جوابنا في السياسة وليس بالكلام الخارج عن أي أصول سياسة أو أخلاقية أو وطنية».
من جهته، رأى النائب المعارض وضاح الصادق أن «ترويج النواب الرماديين لرفضهم أن يكونوا جزءاً من الاصطفافات غير مفهوم»، مشدداً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن «في البلد مجموعتين؛ الأولى تضم الثنائي الشيعي وحلفاءه، وهؤلاء لديهم دستورهم وقوانينهم ومؤسساتهم، ومجموعة أخرى تضغط لتطبيق الدستور وتحقيق سيادة الدولة وتفعيل المؤسسات وتطبيق القوانين. لذلك لا يمكن لأي نائب أن يكون رمادياً في مرحلة كهذه لأن الموقف الرمادي يعني تلقائياً دعم الطرف الذي لا يطبق الدستور والقوانين».
ورجّح الصادق في حال الدعوة لانتخاب رئيس أن يصوت نواب «الوطني الحر»، كما «التقدمي الاشتراكي» لأزعور وانضمام نواب جدد للتصويت له، قائلاً: «نحن لا نفهم أصلاً طبيعة المفاوضات بين الحزب والتيار الذي يطالب بقانونين موجودين بمجلس النواب ولا يحلان أزمة البلد وليسا أصلاً أساس المشكلة والخلاف، لا بل إذا طبقا اليوم قد يكونان جزءاً من المحاصصة! أنا لا أتوقع أن يقبل الثنائي بمقايضة القانونين بانتخاب سليمان فرنجية، ولا أن ينتخب باسيل فرنجية. وأصلاً من يضمن للتيار تطبيق القانونين من قبل الثنائي الذي لم يلتزم أصلاً بأي اتفاق من الطائف إلى الدوحة وصولاً إلى اتفاق بعبدا وغيره من الاتفاقات؟».
وأوضح الصادق أن قرار المواجهة الذي اتخذته المعارضة، وأعلنت عنه مؤخراً «لم يأتِ رداً على رسالة المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان، إنما على جريمتي عين إبل والكحالة»، وقال: «هناك مجموعة لا يمكن أن نجلس معها للتحدّث برئيس… نجلس معها بوجود رئيس للتحدّث بموضوع السلاح. نحن اليوم ندرس خطواتنا للمواجهة ونعد أن شلل الدولة أفضل من أن تكون بإدارة مماثلة لما كانت عليه في السنوات الماضية».