لودريان… والمهمّة الأخيرة
جاء في “الأخبار”:
في زيارته الأخيرة لبيروت، أمس، موفداً فرنسياً لحلّ الأزمة الرئاسية قبل تسلّمه مهمته الجديدة رئيساً لوكالة التنمية الفرنسية في المملكة العربية السعودية، كانت لقاءات جان – إيف لودريان مع عدد من الجهات السياسية باهتة، مع علم الجميع بأن الدبلوماسي الفرنسي لا يحمِل معه سوى «نصيحة الحوار». وهو بدا في حديثه مع من التقاهم وكأنه «يلمّح إلى انتهاء وساطته بالتأكيد على أن اللبنانيين يجب أن يتحاوروا في ما بينهم على قاعدة اشهد أنّي بلّغت»، كما تقول مصادر مطّلعة. وزاد في خفوت وهج الزيارة أنها أتت بعد لقاء في باريس جمع لودريان والوزير السعودي نزار العلولا والسفير السعودي في بيروت وليد بخاري، تأكّد فيه أن لا خرق في موقف الرياض، وأكّد السعوديون فيه أن بلادهم غير معنيّة بلبنان إلا في حال تلبية شروطها لجهة مواصفات الرئيس وبرنامج العمل والإصلاحات.
وعلمت «الأخبار» أن العلولا والبخاري التقيا شخصيات لبنانية في باريس، من بينها النائبان وائل أبو فاعور وفؤاد مخزومي اللذان نُقِل عنهما أن «السعوديين أكّدوا أن موقفهم وموقف الفرنسيين أصبحَا واحداً، وأن حل الأزمة الرئاسية غير ممكن إلا من خلال انتخاب رئيس جامع يحظى بقبول غالبية القوى السياسية، ولا يشكّل استفزازاً لأحد».
واستهلّ لودريان زيارته بلقاء رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري، مؤكّداً أنه «أتى إلى لبنان لإكمال مهمته»، آملاً في أن تكون المبادرة التي أعلن عنها بري «بداية مسار الحل». وأفيد أن لودريان قال لبرّي «ندعم مبادرتكم الحوارية»، مشيراً إلى أن تأييده المبادرة لا يعكس موقف فرنسا فحسب بل الدول الخمس المعنيّة بلبنان، «وهي متفقة على موقف واحد هو إجراء حوار بين اللبنانيين وانتخاب رئيس للجمهورية». فيما أكّد بري بعد اللقاء أن «وجهات النظر متطابقة مع لودريان بأن لا سبيل إلا الحوار ثم الحوار ثم الحوار للخروج من الأزمة الراهنة وإنجاز الاستحقاق الرئاسي، وهذا ما هو متاح حالياً لمن يريد مصلحة لبنان». وقال بري أمام زواره إنه تبلّغ موقف الموفد الفرنسي من مبادرته للحوار وتأييده لها قبل أن يصل الأخير إلى عين التينة. وأضاف أنه أطلع لودريان على مبادرته للحوار وشرح آليتها «حرفاً حرفاً»، وأن الدبلوماسي الفرنسي سيحمل موقفه هذا إلى القوى والأحزاب التي سيجتمع بها لحضّها على الذهاب إلى حوار داخلي حول بند وحيد هو انتخاب رئيس للجمهورية. تالياً، لم تعد ثمة سوى مبادرة بري للحوار تبعاً للآلية التي حدّدها لها رئيس المجلس «علّ لودريان يُفهِم الذين لا يريدون فهم المبادرة ماذا عليهم أن يفعلوا».
في غضون ذلك، دعا البخاري النواب السُّنّة إلى لقاء في دارته، الخميس، تكريماً لمفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان لمناسبة تمديد ولايته. وشملت الدعوة إلى اللقاء الذي سيحضره الموفد الفرنسي كلّ النواب السُّنّة (باستثناء النائبة حليمة قعقور التي ترفض حضور أي لقاء له طابع طائفي). وقالت مصادر بارزة إن لودريان والبخاري سيبلغان النواب بموقف سعودي – فرنسي مشترك يؤكد أن الرئيس الجديد يجب أن لا يكون مستفزّاً لأحد، بل يجب أن يكون جامعاً لكل المكوّنات ويحظى بموافقة كل الجهات. ومن المرجّح أن «يُنصح» النواب بتأييد الدعوة إلى الحوار، من باب إحراج من يرفضه ومن يعطّل انتخاب الرئيس من جهة، ومن جهة أخرى لدفع بري إلى عقد جلسة انتخاب.