هل تراجعت حظوظ فرنجية الرئاسية؟
من الواضح أن الحركة الإعلامية والسياسية التي تسيطر في الأيام الأخيرة على المشهد العام توحي بأن حظوظ رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية بالوصول الى رئاسة الجمهورية تراجعت بشكل كبير لصالح مرشح التسوية أو لصالح قائد الجيش العماد جوزيف عون، في ظل زيادة حجم الحضور للدول المهتمة بالملف اللبناني، والتي تعارض بشكل أو بآخر وصول أي شخصية متحالفة مع “حزب الله” الى القصر الجمهوري.
في الواقع، خسر فرنجية بعض الأوراق الأساسية التي كانت تدعمه في معركته الرئاسية، أولها الدعم الفرنسي، اذ كانت باريس تشكل رافعة جدية للرجل وتخرجه من كونه مرشح “الثنائي الشيعي” للرئاسة، ليكون مرشحاً له إمتداد غربي. أما الخسارة الثانية فكانت خسارة الحياد السعودي الذي كاد يصبح حياداً إيجابيا خلال المرحلة الماضية، قبل أن يبدأ التصعيد مجدداً بعد اللقاء الشهير في الدوحة.
لكن هذه الخسائر هي كماليات سياسية بالنسبة لفرنجية، بمعنى آخر، إن الرافعة الاساسية للرجل هي دعم “حزب الله” له، ولولا هذا الدعم لما تعامل الفرنسيون بواقعية وأظهروا إيجابية مع “رئيس المردة” بل كانوا سيدعمون شخصية قريبة سياسيا منهم، وكذلك، فإن الموقف السعودي يستند في هذه المرحلة، وفي كل مرحلة، الى المعطيات الاقليمية، وهذا يعني ان الرياض قد تبدل موقفها وفقا لتطور الحوار والمفاوضات الاقليمية مع طهران، ان كان في ملف اليمن او في الملفات الاخرى.
ان الذي فرض فرنجية كمرشح قوي هو قدرة “حزب الله” على تعطيل أي خطوة مقابلة، وبما أن هذه القدرة لا تزال موجودة، ولا يزال الحزب مصراً على دعم فرنجية، فإن لعبة الوقت قد تصب، في لحظة سياسية ما، لصالح زعيم زغرتا ليعود مجددا المرشح الاوفر حظاً، لذلك فإن محاولة الإيحاء بأن تراجع التأييد الاقليمي والدولي يعني حتما خسارة رئاسية، ليس دقيقاً، خصوصا أن الخارج غير قادر وحده على فرض رئيس في ظل وجود قوة قادرة على التعطيل في الداخل.
لكن هل تنازل “حزب الله” عن فرنجية؟ لا يبدو الأمر كذلك، اذ ان التسوية لم تحصل بعد ولم تظهر لها أي مؤشرات حقيقية بالرغم من بعض الإيحاءات الاعلامية التي أظهرت الحزب متراجعاً عن حدته السابقة من خلال لقاء رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد بقائد الجيش العماد جوزيف عون. في الواقع لا يزال الحزب متمسكا بفرنجية بشكل قاطع، ولا يبدو انه جاهز لتقديم هكذا تنازل في المرحلة الحالية، خصوصا أن لديه فرصا جدية للاتفاق مع رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل..
والسؤال الأهم، لماذا يذهب “حزب الله” للتسوية مع خصومه الاقليميين يتنازل من خلالها عن دعم فرنجية، ما دام قادراً من خلال هكذا تنازل، ضمان التسوية مع حليفه جبران باسيل وبالتالي ايصال مرشح رئاسي حليف بالكامل له؟ بمعنى آخر، في حال قرر الحزب التنازل عن رئيس “تيار المردة”، فالأولى هو الاتفاق مع باسيل على مرشح حليف بدل الاتفاق مع الخصوم على مرشح وسطي. من هنا يمكن التأكيد أن المراوحة لا تزال على حالها بالرغم من كل التحرك السياسي الحاصل حاليا.