الكورة… من أجمل الأقضية إلى أكثرها تشويهاً
كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”:
قضاء الكورة، أحد أجمل أقضية الشمال وأودعها، يقصد الناس قراه وبلداته، خصوصاً أهالي طرابلس، هرباً من الزحمة والفوضى، وبغية الإستجمام والتمتّع بالراحة والسكينة، لكنه يعيش اليوم فصولاً من الإهمال والتشويه للطبيعة والذوق العام، وحالة من الفوضى الإجتماعية التي لم تكن معهودة في السنوات السابقة.
ويعلو قضاء الكورة مدينة طرابلس ويتوسط بينها وبين قضاءي زغرتا وبشري، ويضم 50 قرية وبلدة، يقيم فيها نحو سبعين ألف نسمة، إلى جانب بضعة آلاف من النازحين السوريين. وتنضوي بلدياته في اتحاد «بلديات الكورة» الذي يرأسه حالياً ربيع الأيوبي بعد وفاة رئيسه السابق المهندس كريم بو كريم الذي كان يشغل منصب رئيس بلدية دارشمزين.
تطوّر قضاء الكورة في السنوات الأخيرة تطوراً لافتاً وتمتع باكتفاء ذاتي في الكثير من الخدمات والحاجيات، وتحولت مناطق فيه أسواقاً تجارية كأميون مثلاً، واستطاع بذلك أن ينافس طرابلس، التي تأثّرت أسواقها بجولات العنف والفوضى الحاصلة، وتلهّي مجالسها البلدية بالمناكفات الداخلية، ونسيانها تطوير مدينتها وازدهارها، لكن حديثاً يشار في الكورة إلى تراجع في تقديمات البلديات في السنتين الأخيرتين، خصوصاً في القيام بالمهمات الموكلة إليها، وإلى ارتفاع نسبة الإشكالات الفردية في منطقة لطالما كانت من أكثر المناطق اللبنانية أمناً.
ويعزو عدد من بلديات القضاء أسباب هذا التراجع إلى شحّ الموارد المالية لدى البلديات ما أعاقها عن القيام بالعديد من المهمات، بالإضافة إلى تدنّي رواتب شرطة البلدية والحرس إلى حدود المئة دولار أو أقل، وإلى ترك البعض منهم عمله والإلتحاق بأعمال أخرى نظراً الى الظروف الصعبة، وكلها عوامل أثّرت سلباً في أداء البلديات في قضاء الكورة التي كانت تعدّ في السابق من أنشط البلديات اللبنانية وأكثرها إنجازاً.
ويمكن تصنيف المجالس البلدية في قضاء الكورة، ونقصد بها المجالس القائمة وغير المنحلة، إلى نوعين، على حدّ قول أحد أعضاء المجالس البلدية في المنطقة، الذي يصنّفها بين بلديات تعمل بنصف أدائها السابق قبل الأزمة وبلديات لا تعمل أبداً. على أنّ التراجع في أداء ومهمات المجالس البلدية الكورانية ينعكس سلباً على المواطن والمجتمع، ويبدأ ذلك من أزمة النفايات التي يرزح تحتها عدد كبير من قرى القضاء العاجزة عن إيجاد حل لهذه المعضلة.
أهالي الكورة وسكانها يعتبرون النفايات أزمة الأزمات، كيف لا، وهي تتمدد على طول الطرقات وبين الأحياء، وفي قرى وبلدات تعتبر هي مدخل القضاء مثل راسمسقا والنخلة وبرسا وبتوراتيج وغيرها؟ النفايات هناك تشوّه المنظر العام للمنطقة وتدفع إلى مزيد من التخوّف من انتشار الأمراض والأوبئة، بعدما أمضى الأهالي صيفاً صعباً في غياب الكهرباء وانتشار البرغش والبعوض بكثافة.
هي نفايات المنطقة بالطبع إلى جانب أنّ بعض الأهالي يتّهمون سكاناً من مناطق أخرى قريبة لمناطقهم برمي النفايات عندهم، خصوصاً في الليل، في حين أنّ البعض يحرقها على الطريق العام في مناطق الكورة وبين الأحياء غير آبه لمخاطرها. لا يوجد في الكورة مكب للنفايات، وترى بلديات المنطقة أنّ الحل النهائي لهذا الملف لا يمكن أن يكون إلا بإيجاد حل للأزمة ككل على المستوى المركزي. وتجدر الإشارة إلى معاناة الأهالي اليومية من الطرقات التي تزداد أوضاعها سوءاً ويغيب عنها الإسفلت منذ سنوات