بنك الأهداف الإسرائيلي يتمدّد في لبنان.. وساعة الخيارات الكبرى
كتبت بولا أسطيح في “الشرق الأوسط”:
منذ قرار «حزب الله» استخدام جبهة الجنوب اللبناني لدعم ومساندة حركة «حماس» والفصائل المقاتلة في قطاع غزة، تدرجت الأهداف الإسرائيلية داخل لبنان بشكل لافت، وإن بقيت محصورة في منطقة لم يتعدّ نطاقها الـ5 كلم.
وبينما بدأ القتال بين «حزب الله» وإسرائيل كقتال رمزي بحيث كان الحزب يقصف مواقع إسرائيلية لا يتواجد فيها جنود داخل مزارع شبعا وتلال كفر شوبا التي يعدّها لبنان أراضي لبنانية محتلة، فتقابل تل أبيب ذلك بقصفها بساتين ومواقع خالية للحزب، بدأت الأهداف الإسرائيلية تتوسع تدريجياً، فبات الجيش الإسرائيلي يقصف مراكز وعناصر لـ«حزب الله» بإصابات مباشرة؛ ما أدى إلى تجاوز عدد قتلاه أخيراً الـ100. وبعدها واصلت إسرائيل التصعيد بقصف تجمعات لإعلاميين ومن ثم شبكات المياه والكهرباء وصولاً لاستهداف قرى مأهولة. وبلغ التصعيد مؤخراً مداه باستهداف مراكز القوات الدولية (اليونيفيل) كما مواقع ومراكز الجيش اللبناني، إضافة إلى تدمير أحياء بكاملها؛ ما زاد المخاطر من مقتل أعداد كبيرة من المدنيين في قرى جنوب البلاد، وفاقم الخشية من أن تؤدي هذه الوتيرة بالتصعيد إلى حرب واسعة في لبنان.
ويرى مدير معهد «الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية الدكتور سامي نادر، أن هذا التصعيد الإسرائيلي «يندرج بإطار تصميم تل أبيب على إقفال جبهة لبنان لإعادة سكان الجليل الأعلى إلى منازلهم، وبالتالي هي ساعة الخيارات الكبرى بالنسبة لها لأنه لم يعد يمكنها التعاطي مع هذه الجبهة كما كانت تتعاطى معها في السابق»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «من الجهة الإيرانية هناك محاولة لعدم الاستجابة للضغط الإسرائيلي بالشروط المطروحة حالياً؛ كون أن لا تسوية في الأفق حتى الساعة تضع تل أبيب وطهران على طاولة واحدة. من هنا، هذه الجبهة ورغم الضغوط الإسرائيلية لإقفالها ستبقى مفتوحة وفق المعطيات الراهنة». ويضيف نادر: «في الماضي كان لدى الطرفين مصلحة بإبقاء هذه الجبهة مشتعلة على نار خفيفة واستعمالها لتبادل الرسائل، أما بعد 7 تشرين الأول فقد اختلفت الأمور».
من جهته، يرى رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية، العميد المتقاعد الدكتور هشام جابر، أن «طرفي إسرائيل و(حزب الله) ما زالا يلتزمان بقواعد الاشتباك، وبخاصة بما يتعلق بالمسافة التي لا تتعدى الـ5 كلم من كل جهة»، عادّا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «ما اختلف هو إدخال (حزب الله) أسلحة جديدة للمعركة… أما إسرائيل فهي وإن لم تستخدم أسلحة جديدة، لكنها طورت أهدافها وركّزت مؤخراً على قصف مراكز للجيش للضغط لتطبيق القرار 1701، اضف أنها تسعى لاستدراج الحزب لتوسع الحرب». ويضيف: «الخشية اليوم من أن تعود تل أبيب لتوسع هي القتال في لبنان مطلع العام الجديد للتغطية على إخفاقاتها داخل فلسطين ولجرّ واشنطن إلى حرب كبيرة لا تريدها. عندها لا شك سيكون لدى الإسرائيليين أهداف جديدة وكثيرة داخل لبنان وبالتحديد تخص (حزب الله) سواء في الجنوب أو البقاع أو بيروت».
أما بريجيت خير، الدبلوماسية السابقة في الأمم المتحدة، فتضع الضغط الإسرائيلي على جبهة لبنان في إطار السعي «لتحسين شروط التفاوض في إطار ما يحكى عن تسوية يتم العمل عليها بين تل أبيب و(حزب الله) تلحظ العودة لتطبيق القرار 1701 وسحب المقاتلين إلى منطقة شمالي الليطاني ونشر قوات فرنسية إضافية في منطقة معزولة على الحدود اللبنانية»، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «التصعيد الإسرائيلي هدفه الجر إلى تسوية، أي تهدئة، وليس لتوسيع جبهات القتال»، وتضيف: «لا توجه عالمياً لحرب إقليمية، والجميع يصرّ على السلام وتهدئة الوضع».
وتردد أخيراً أن إسرائيل تروّج لتسوية تؤدي إلى وقف العمليات القتالية جنوب لبنان تلحظ انتشار الجيش اللبناني على الحدود مع لبنان «في كل النقاط»، وأن تتواجد معه قوات فرنسية، وذلك ضمن إطار «قوات دولية» فيكون السلاح محصوراً بيد الجيش اللبناني في منطقة جنوب نهر الليطاني على أن يبقى لـ«حزب الله» بعض مواقع الرصد المشتركة مع الجيش ومع القوات الفرنسية.