هل تعود عقوبة الإعدام؟

لبنان أبريل 11, 2024

كتب نادر حجاز في موقع mtv:

“لم نعد بأمان”، هذا هو لسان حال اللبنانيين في ظل ارتفاع مستوى الجريمة بشكل مخيف، وجاءت حادثة قتل منسق حزب القوات اللبنانيّة باسكال سليمان، لتزيد هذا القلق بغض النظر عن أسباب الجريمة ودوافعها. خطف مواطن وقتله من أجل سرقة مثير للخشية والريبة أكثر، ويعني أن كل شخص بات معرّضاً لاعتداء وحشي في أي لحظة.

يدفع هذا الواقع للسؤال عن سبب عدم تطبيق عقوبة الإعدام في لبنان، وألا تشكّل العودة لتنفيذ هذه الأحكام مدخلاً لردع المجرمين أكانوا لبنانيين أو من جنسيات أخرى؟
أشار الصحافي المتخصّص في الشؤون القضائية والأمنية يوسف دياب، في حديث لموقع mtv، إلى أن “آخر عقوبة إعدام طُبقت كانت في أول عهد الرئيس السابق إميل لحود، وتوقفت منذ ذلك الحين بسبب الضغوط السياسية والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، التي أفقدت القضاء اللبناني القدرة على فرض هذه العقوبة. كما امتنع رؤساء الجمهورية اللاحقون عن التوقيع على مراسيم الإعدام لأنها تشكل ضغطاً سياسياً وإنسانياً على لبنان”.

واعتبر دياب أن “توقف هذه العقوبة وعدم تنفيذها ساهم بتنامي جرائم القتل في البلد، لا سيما بعد الأزمة الإقتصادية وأزمة النزوح السوري والفلتان الأمني الذي نشهده”، مضيفاً “عندما كانت عقوبة الإعدام تُطبَّق بشكل حازم في عهد الرئيس الياس الهراوي شهدنا تراجعاً كبيراً جداً في جرائم القتل، وكان المجرمون يحسبون ألف حساب قبل ارتكاب جريمتهم”.

هل الحل يكون إذاً بالعودة إلى الإعدام؟ يجيب دياب: “العودة إلى تنفيذ هذه العقوبة يجب أن يكون مطلباً أساسياً، خصوصاُ أنها موجودة في دول متطورة جداً كالولايات المتحدة الأميركية وسواها، بما لا يتعارض مع حقوق الإنسان. فهي تشكل اليوم الرادع الأساسي أمام تنامي الجريمة في البلد وتفشيها على نطاق واسع، كما تشكل درساً كبيراً للعصابات التي تستسهل القتل وآخرها جريمة قتل باسكال سليمان ظلماً وعدواناُ”.

ماذا يمنع لبنان إذاً؟ يوضح دياب قائلاً: “أتمنى أن نشهد تغيّراً في السياسة القائمة حالياً والعودة إلى تطبيق هذه العقوبة، لكنّني لا أتوقّع حدوث ذلك قبل انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة دستورية وانتظام عمل الدولة. فهناك عشرات أحكام الإعدام الصادرة التي لم تُنفذ حتى الآن، والموضوع يحتاج الى قرار سياسي كبير، فالقانون الذي ينص على عقوبة الإعدام موجود والمطلوب هو تطبيقه”، مستطرداً “عندما تصدّق محكمة التمييز عقوبة الإعدام تُحال إلى لجنة العفو، وفي حال أوصت الأخيرة بتنفيذ العقوبة يُحال المرسوم بعدها إلى رئيسي الجمهورية والحكومة، وبعد توقيعهما يُنفَّذ الحكم خلال ساعات”.

ولكن ماذا عن رأي الجمعيات الحقوقية؟ وهل سيكون من السهل على لبنان تجاوز توصياتها؟
أكدت رئيسة لجنة نضال لأجل الإنسان ريما صليبا، في حديث لموقع mtv، أن “منطق الإعدام مهما اختلفت دوافعه والأسباب التي أدت الى المطالبة به، مرفوض وغير مقبول لأنه يتناقض مع أسمى حقوق الإنسان في العالم ألا وهو الحق في الحياة، من دون أن ننسى أنه انتهاك صارخ وفاضح للإتفاقيات الدولية كما للإعلان العالمي لحقوق الانسان”.
وأضافت صليبا “نتفهم الواقع الحالي لمنحى الأمور الإجتماعية والأمنية الأخيرة في لبنان، كما لما يعيشه اللبنانيون من مخاوف ورعب يزداد يوماً بعد يوم ولأسباب عدّة، كما نسمع جميعاً عن كثرة الحوادث والجرائم والجنح الشائنة في مختلف المناطق من دون استثناء، ويجب أن تتخذ إجراءات عدّة تحول دون ازدياد هذه الجرائم وتخفّف من حدة الخسائر البشرية والأرواح. إلا أن تطبيق قانون الإعدام في بلدان عدة أثبت انه لم يكن رادعاً للتخفيف من حدة الجريمة أو إيقافها، بل إن الحلول تكمن في مكان آخر ولا تحتاج الى إنهاء حياة أشخاص وتعذيبهم مهما كانت فعلتهم شائنة، فالقوانين وُجدت لتنظم وتسهل دورة الحياة وتضبط الافعال الشائنة وتعاقب المجرم شرط التطبيق الصحيح، من دون اي نوع من التدخلات اذ يبقى تطبيقه هو الحل الامثل لاعطاء كلّ صاحب حقّ حقّه ومعاقبة كل مذنب”.

وتابعت صليبا “كلنا نعيش في لبنان وعلى دراية تامة بطريقة تسيير الدولة لشؤونها واستنسابية التعاطي والحكم في مختلف الملفات، لذلك نجد أنفسنا اليوم نبحث جميعاً عن خطوة رادعة لإيقاف مسلسل الحوادث الدامية والقاسية ونتفهم المطالبات التي بتنا نسمعها أخيراً عن ضرورة تفعيل هكذا قانون، إنما يجب علينا ألا ننسى أبدا أن الحق في الحياة يعلو ولا يُعلى عليه، لذا فإنه علينا الرجوع دائماً للدولة ومطالبتها ببسط سلطتها وحدها على كافة الأراضي اللبنانية كما بتطبيق المراقبة والمحاسبة من خلال كامل أجهزتها الأمنية والعسكرية والقضائية وتفعيل قانون العقوبات ليكون السلاح الأقوى في مواجهة موجة الإجرام التي نشهدها”.

طبعاً كرامة الإنسان هي فوق كل اعتبار، وكذلك حماية المواطنين الأبرياء من الأشرار وجرائمهم، ومن المفيد طرح هذه الإشكالية من جديد بحثاً عن رادع للوحوش التي تعيش معنا.

:شارك الخبر