رفع الرسوم في “الرسمي”: ضغط على الحلقة الأضعف
كتبت فاتن الحاج في “الأخبار”:
عشية بدء العام الدراسي، فاجأ وزير التربية، عباس الحلبي أهالي التلامذة في الثانويات الرسمية برفع مساهماتهم في صندوق مجالس الأهل من 750 ألف ليرة، العام الماضي، إلى ما بين 3 و4 ملايين ليرة هذا العام، فيما لم يصدر حتى الآن أي تعميم في ما يخص صندوق المدرسة الذي يسهم فيه الأهل بـ 121 ألف ليرة للطالب الواحد. ورغم أن المبلغ قد يبدو «ضئيلاً»، إلا أن كثيرين من الأهل من الموظفين والأجراء غير قادرين على توفيره، ما قد يؤدي إلى تسرب مدرسي، فضلاً عن أن الوزارة قررت الضغط على الحلقة الأضعف بدل الضغط على المصارف لتحرير ودائع المدارس الرسمية.
تعميم الحلبي لاقى تأييداً من مديري الثانويات، وبدا كأنهم كانوا ينتظرونه لفتح مدارسهم وتوفير مصاريفها التشغيلية ومستحقات مستخدميها، وتأمين بيئة سليمة. فرأى مدير ثانوية حسين مكتبي الرسمية، حسن خضر، أن التعميم «شرّ لا بد منه مع الدولرة الشاملة، رغم قناعاتنا التاريخية بمجانية التعليم وحق الجميع بالتعلم». وإذ أقرّ بأن التعميم «سيكون مؤلماً للأهل وسيفتح مواجهة صعبة معهم، إلا أن التعليم الرسمي ينازع»، إذ إن المبلغ المفروض، بحسب مديرة ثانوية برج البراجنة أمل السبع، «لا يكفي لتشغيل المدرسة في هذه الظروف الاستثنائية، ولا أعتقد أن لدى الأهل مشكلة في الدفع إذا ما قورن ذلك بأقساط المدارس الخاصة التي لا تقلّ عن 1000 دولار». فيما تذهب مديرة ثانوية البازورية، إلهام فرج، أبعد من ذلك، إذ ترى أن التعميم «مخيّب للآمال، لأن صناديق الثانويات تحتاج الى استعادة قيمة المبالغ التي كانت تستوفيها وفق سعر صرف 1500 ليرة للدولار، أي 180 دولاراً للصندوقين، وإلا فلن تستطيع فتح أبوابها». وتشير مديرة إحدى الثانويات في طرابلس إلى أن «من يشارك في حفلات التخرج ويدفع كل مستلزماتها لن يغصّ بمبلغ زهيد يؤمن له فرصة التعلم».
هذا التأييد للتعميم «مفاجئ»، بحسب الباحث في التربية نعمه نعمه، وخصوصاً أن أي ارتفاع موازٍ للمساهمات في صندوق المدرسة فإن المبلغ سيصل إلى 7 أو 8 ملايين ليرة، ما يمثّل راتب موظف أو أجير في القطاعين العام والخاص. ووصف هذا التأييد بأنه «خضوع للقهر الأول الذي تمارسه السلطة على المواطنين، فهي تحتاج إلى توظيف وسيط – المدير ليتحول إلى قاهر للفئة الأضعف – المواطن. والمدير هنا يتماهى مع السلطة – القاهر الأول ويصير جزءاً منها». واعتبر ذلك «سلوكاً غير تربوي. فالقيادة تفترض حماية الضعيف من القهر وليس التماهي مع القاهر وممارسة القهر على الأضعف، مشيراً الى أن على القائد التفكير بطرق مبتدعة لحل العقبات وليس رمي الوزر على الأضعف، وهو العالم بنتائج هذا التعميم على التسرب المدرسي أو وضع الملتحقين بالثانويات الرسمية الاجتماعي وقدراتهم المالية». لذلك، «كان الأجدى بالمديرين أولاً رفض هذا القرار ومطالبة السلطة بتحرير أموالهم المحجوزة في المصارف، وإيجاد حلول مبتكرة لمساعدة البيئة الاجتماعية التي ينتمون إليها». وأضاف: «أما إذا كانت الوزارة تحاول الضغط على الجهات المانحة لدعم الثانويات الرسمية أسوة بالتعليم الأساسي، فهذا سلوك مشين أيضاً تمارسه السلطة في كل مرة (كما فعلت بتعطيل مدارس بعد الظهر العام الماضي) أو ممارسات أخرى مشابهة».