لبنان والرئاسة إلى أين؟
للولايات المتحدة وفرنسا والسعودية وقطر ومصر وضمناً جولات الموفد الفرنسي جان إيف لودريان لم تنجح بدورها حتى الآن في تحرير الانتخابات الرئاسية من قبضة حزب الله والذهاب نحو خيار ثالث.
أكثر من ذلك، فإن الأزمة لا تقتصر فقط على مأزق الرئاسة بل تتعداها إلى الجبهة المشتعلة جنوباً بين حزب الله وإسرائيل والتي تترافق مع تهديدات إسرائيلية بتوسيع دائرتها في حال عدم انسحاب قوة الرضوان التابعة للحزب مسافة 8 كيلومترات عن الحدود ليتسنى لمستوطني الشمال العودة إلى بلداتهم. وكان الثنائي الشيعي أبدى تحفظات على الورقة الفرنسية وخصوصاً على موضوع انسحاب حزب الله وفك الارتباط بين الجنوب وحرب غزة.
كل هذه الوقائع ستكون على طاولة ماكرون وبايدن في ظل علامات استفهام حول ما يمكن أن تؤدي إليه هذه القمة من تفاهمات حول الملف اللبناني في ظل حرص فرنسي على تحقيق اختراق وعلى حفظ دورها التاريخي في بلد الأرز، مع مفارقة أن الثنائي الشيعي يفضّل عقد تفاهم مع الولايات المتحدة كما حصل في موضوع ترسيم الحدود البحرية وليس مع فرنسا. وكم تشبه لقاءات لودريان كموفد رئاسي فرنسي مع الثنائي الشيعي اللقاءات التي كان يجريها المستشار الدبلوماسي للرئيس شيراك آنذاك موريس غوردو مونتان مع النظام السوري محاولاً إقناع الرئيس بشار الأسد بتخفيف قبضته على لبنان وأخذ المعادلة الإقليمية الجديدة القائمة منذ سقوط بغداد بعين الاعتبار. فالثنائي لا يأخذ التهديدات الإسرائيلية على محمل الجد وهو يدير ظهره للورقة الفرنسية ويعوّل على مقايضة مع المبعوث الأمريكي آموس هوكشتاين تشمل الترسيم البري ورئاسة الجمهورية معاً.
فهل نتجه إلى مرحلة تشبه مرحلة 2004 بكل توتراتها وما أسفرت عنه من دوامة عنف وصولاً إلى اغتيال الرئيس رفيق الحريري وانقلاب الوضع لمصلحة المعارضة آنذاك ممثلة بفريق 14 آذار، أم يستمر خطف الرئاسة والقرار في البلد، وتصدر مذكرات جلب سياسية لبعض الأفرقاء مثلما حدث مع الحريري الأب ويتحوّل «لبنان إلى كرة قدم تتقاذفها المصالح الإقليمية والدولية» كما كان يقول البطريرك صفير.