هل بدأ العدّ العكسي للمواجهة الكبرى؟
كتبت وفاء بيضون في اللواء:
تتسارع الأحداث والتطورات العسكرية والأمنية بشكل لافت وخطير بعد الاعتداءات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية واغتيال المسؤول العسكري لحزب الله الحاج فؤاد شكر، وسقوط عدد من المدنيين شهداء بالإضافة الى عشرات الجرحى.
في البُعد العسكري تُعدّ عملية الاعتداء على ضاحية العاصمة بيروت تجاوزا لكل الخطوط الحمر التي رسمتها مسارات المواجهة منذ الثامن من أكتوبر تحت مظلة قواعد الاشتباك المعروفة، لتأتي بعدها عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في تجاوز لكل أعراف الحروب باستهداف ضيف في دولة ما، يجعل الأمر أكثر تعقيدا في خضم التحذير من انفلات الأمور نحو حرب إقليمية بكل معنى الكلمة.
في لبنان ترك الاعتداء على مجمع سكني في حارة حريك وما نتج عنه كل الأسئلة مفتوحة عن مرحلة ما بعد، وكيفية رد المقاومة بالمكان والزمان ونوعية الأهداف.
من هنا جاءت مواقف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله خلال مراسم تشييع القائد العسكري الحاج فؤاد شكر أكثر هدوءاً هذه المرة، لكنها أكثر جدّية بحسم الرد. وهو ما فسّره المراقبون بان كلام نصرالله أتى متجانسا مع المواقف السابقة من عدم رغبة الحزب بتوسيع رقعة المواجهة، وإبقائه على ضرورة وقف الحرب على غزة لتتوقف جبهة الإسناد شمال فلسطين. ومن هنا تتبيّن حكمة نصرالله في إدارة المعركة بحفاظه على معادلتين: «السلم الإقليمي من جهة، ومنع كسر المقاومة من جهة أخرى».
وتقول الأوساط المتابعة: إذا كان رد الحزب على اعتداء إسرائيل على الضاحية حتمياً، فانه سيكون بعد دراسة وتقييم ومن دون استعجال وحماسة وانفعال كما ظن كثيرون، ليضع الكيان الإسرائيلي أسير «معادلة الأيام والليالي والميدان» لأن في ذلك زيادة استنزاف لتل أبيب، نفسياً واجتماعياً وسياسياً واقتصادياً وعسكرياً، خصوصاً ان الأمين العام لحزب الله أشار إلى رد في قلب إسرائيل، بالمعنى الجغرافي أيضاً.
ومع تزاحم التحليلات حول نوعية المكان والهدف والوسائط النارية والمدة الزمنية التي سيردّ بها الحزب، كان واضحا نصرالله في ذلك، عندما قال ان الرد قد لا يكون خلال يومين أو ثلاثة، وربما بعد أسبوع، بعد ترك الأمر للمقاومة في تحديد الهدف. وتقول المصادر ان الأهم في كلام أمين عام حزب الله انه أبقى على القواعد القديمة ذاتها، أي الفصل ما بين الإسناد القائم منذ عشرة أشهر، وما بين الرد على الضربة المحتوم.
هذه المواقف يضاف إليها كلام واضح من نصر الله انه على العواصم الغربية والعربية معا التي ترغب بمنع الحرب، عليها أن تمارس ضغطا جديّا وليس صوريا لوقفها في غزة أولا، وهذا ما فسرته المصادر المتابعة بعدم الخروج عن القواعد القائمة، وترك الباب مفتوحاً للتسوية التي من شأنها وقف قتل الفلسطينيين وارتكاب المجازر بحقهم.
وبالتالي، في النتيجة نرى ان ما يتوسط كلام نصر الله من جهة، وتصعيد نتنياهو من جهة ثانية، هو استشراف لطبيعة ونوعية الرد، وتفاعل الإجراء الإسرائيلي معه. إلّا ان ما يمكن الجزم به ان ما قبل مرحلة الاغتيالات والاعتداءات الأخيرة، لن يكون بعده، وان كانت جبهة الإسناد عاودت دعمها الناري وردّها على الاعتداءات اليومية، في وقت قد تتغيّر فيه طبيعة المواجهة من مفتوحة الى شاملة، وصولا الى التفلّت من كل السقوف والضوابط، وهو ما يقلق العديد من دول العالم. هذا غير القلق والتخبط داخل المؤسسات الإسرائيلية، التي رأى عدد كبير من مسؤولي الكيان، ان ما تقوم به حكومة نتنياهو سيضع الكيان في مرحلة مأساوية غير مسبوقة؛ وعندها لن تتجانس حسابات نتنياهو العدوانية مع واقع الميدان وبيدر المقاومة من كل جهات المحور. فهل جنون حكومة التطرف الإسرائيلية جاهزة ومعها مواطنيها في الكيان الإسرائيلي للنتائج المرتقبة؟