مهمة اليونيفل تزداد صعوبة.. فما مصير معركة التمديد؟
يوماً بعد آخر، تزداد مهمة القوات الدولية العاملة في جنوب الليطاني (اليونيفل) صعوبة، وتفتح التطوّرات المتسارعة الأسئلة حول مصير قوة «حفظ السلام». الظروف الموضوعية، والموقف الغربي الحالي الداعم بشكل عام للعدوان الإسرائيلي، وعدم قدرة الأمم المتحدة على القيام بأيّ مبادرة فعّالة لوقف العدوان على غزّة، تجعل التشكيك بدور القوة في الجنوب اللبناني خلال الحرب الحالية، مشروعاً. وكذلك الأمر بالنسبة إلى إسرائيل، التي تنظر إلى القوة الدولية على أنها شرطيّ دولي لمراقبة حزب الله وإعاقة عمله في جنوب لبنان، ولا تقبل أقلّ من ذلك، فتترك القوّة عرضة للتشكيك الدائم، الرسمي والإعلامي، وتصل إلى حدّ استهداف مواقع اليونيفل بنيران الدبابات لتوجيه الرسائل بالنار.وتبدو مخاوف القوة الدولية متعددة المصادر، وأوّلها اندلاع حرب واسعة على الجبهة اللبنانية، وهي مخاوف تعززت في المرحلة الأخيرة، وتحديداً بعد مجزرة العدوّ في بلدة مجدل شمس في الجولان السوري المحتل، وما أعقبها من عملية اغتيال نفّذها العدوّ ضد القائد العسكري في المقاومة فؤاد شكر، إضافة الى تعرّض جنودها لخطر النيران جراء المواجهات الجارية على الحدود، علماً أن القوات الدولية كانت تاريخياً هدفاً لجيش الاحتلال الإسرائيلي الذي قتل وجرح العديد من الجنود الدوليين.
ولا تختلف الخطوات التي اتخذتها القوات الدولية عن تلك التي اتخذت من قبل البعثات الأجنبية والغربية، حيث أشرفت على مغادرة كل عائلات الموظفين الأجانب، ووضعت سلسلة من الخطط تحاكي الاحتمالات المختلفة، وصولاً إلى الإخلاء الكامل في حال صدور قرار عن نيويورك بذلك، وهو الأمر الذي لم يحدث منذ عام 1978. يبقى الإخلاء آخر الاحتمالات طبعاً، على أن تقوم القوات الدولية بدور ما لمساعدة السكّان في الجنوب في حال بقائها. ثاني المخاوف، هو تحوّل القوات الدولية إلى خطر بالنسبة إلى الجنوبيين، وهي التي تحاول القيام بنشاط اجتماعي واسع لضمان ترحيب الجنوبيين بجنودها. ثالث المخاوف، هو سقوط دورها مع تصاعد الصراع وانتفاء مهمة مراقبة وقف الأعمال العدائية.
لكن، حتى الآن، فإن قرار التمديد للقوة الدولية سيحصل نهاية الشهر الجاري، بغضّ النظر عن كل التشويش الحالي. إذ لا يبدو أن أحداً قرّر التخلّي عن دور القوة الدولية في جنوب لبنان مع التعويل الكبير، غربياً، على دورها في اليوم التالي للحرب. إذ إن إسرائيل تعرف تماماً ماذا تعني الحدود اللبنانية من دون القوات الدولية. كما يتمسك الجانب الرسمي اللبناني بالقوات الدولية لاعتبارات عدة، ولا يمانع حزب الله بحضورها الحالي، رغم ما تقوم به بعض الكتائب أو الأفراد من نشاط معادٍ أحياناً.
وقبل أيام من بدء المداولات الجدية واتخاذ قرار التمديد للقوّة الدولية، لا تملك المحاولات الأميركية لإدخال تعديلات لفظية على نصّ القرار، واستبدال «وقف الأعمال العدائية» بـ«تخفيض الأعمال العسكرية»، أملاً بالوصول إلى قرار بالتعديل، إذ إن الكباش الحالي في مجلس الأمن الدولي يجعل مستحيلاً على الولايات المتحدة إقناع الصين وروسيا بالتعديل، فيما تتمسك فرنسا بنص القرار كما هو. وحتى بريطانيا، التي تقف دائماً الى جانب الأميركيين وإسرائيل، ستكون مضطرّة إلى التفكير مرتين قبل الانسياق خلف الرغبات الأميركية والإسرائيلية، طالما أنها لا تزال مهتمة بأداء دورٍ مرتجى في «اليوم التالي» في جنوب لبنان. وكذلك الأمر بالنسبة إلى اقتراح خفض التمديد لستة أشهر بدلاً من سنة، بذريعة الأزمة المالية التي تمر بها الأمم المتحدة، فإن تقصير التمديد لنصف سنة يضيف توتراً مجانياً بداية السنة الحالية، بدل أن يرحّل التوتر المعتاد قبل التمديد إلى الصيف المقبل، ولا يظهر أن حظوظه أفضل من التعديلات الأخرى، إلّا إن كان بعض أعضاء مجلس الأمن يعتقدون بأن الظروف ستكون مختلفة بعد نصف عام من الآن. ورغم ذلك، يبدو الاتفاق على التعديل مستحيلاً في مجلس الأمن.