المطران عودة في ذكرى 4 آب: هل هذه هي العدالة؟

لبنان يوليو 30, 2023

ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عوده القداس الإلهي في كاتدرائية القديس جاورجيوس، وأقام خلال القداس جنازاً لراحة نفس ضحايا انفجار 4 آب، وألقى عظة قال فيها: “أحـبَّـائـي، يُـخْـبِــرُنـا إِنْـجـيـلُ الـيَـوم عَـنْ حـادِثَـةِ تَــكْــثـيـرِ الـخُــبْــزاتِ الـخَــمْـسِ والـسَّـمَــكَــتَــيـنِ وإِطـعـامِ الـجُــمْــهـورِ الـكَـبـيـرِ الَّـذي شَـبِـعَ وفَـضَـلَـتْ عَـنْـهُ إِثـنَـتـا عَــشْــرَةَ قُــفَّـةً. هَـذِهِ الـمُـعْـجِـزَةُ هِـيَ الـوَحِـيـدَةُ الَّـتـي يُـدَوِّنُـهـا الإِنْـجـيـلِـيُّـونَ الأَرْبَـعَـةُ جَـمـيـعًـا، بِــسَــبَــبِ أَهَـــمّـِــيَّـــتِــهــا. فـي ذَلِـكَ الـحـيـن، كـانَ الـتَّـلامـيـذُ لا يَـزالـونَ يَــتَــعـامَـلـونَ مَـعَ الـــرَّبِّ يَـسـوعَ عـلـى أَنَّـهُ إِنـسـانٌ مِــثْــلَـهُـم، إِذْ لَـمْ يَـكـونـوا قَـــدْ فَـهِـمـوا لاهـوتَـهُ بَـعـد. لِـهَــذا، فَــكَّــروا بِــمَــنْــطِــقٍ بَــشَــرِيٍّ، وطَــلَـبـوا مِـنْـهُ أَنْ يَــصْــرِفَ الـجُـموعَ لأَنَّ الـمَــسـاءَ قَـــدْ حَــلَّ، وهُــمْ لا يَـسْتَطـيعـونَ تَأمينَ الطَّعـامِ لِـجَـمـيـعِ الـمـوجـوديـن. غـالِـبًـا مـا تَــقِــفُ الـحِـسـابـاتُ الـبَــشَــرِيَّـةُ عـائِــقًــا أَمـامَ الإِيـمـان، الأَمْـــرُ الَّـذي يَــحْــدُثُ دَومًـا مَـعَ الَّـذيـنَ يَـحْــسَــبـونَ أَنْــفُــسَـهُـم مِـنَ الـمُـؤمِـنـيـنَ الـمُـواظِـبـيـنَ عـلـى الـمَـجـيءِ إلـى الـكَـنـيـسَـة، لَـكِـنَّ الـهُـمـومَ الأَرْضِــيَّــةَ تَـشـغَـــلُــهـم إِذْ قَـدْ غَــفَــلَ عَـنْ ذاكِــرَتِــهِــم قَــوْلُ صـاحِـبِ الـمَـزامـيـر: «أَلْــقِ عَـلـى الـرَّبِّ هَــمَّــكَ وهُـــوَ يَــعُــولُــكَ» (مـز 55: 22). الـتَّـلامـيـذُ الَّـذيـنَ يُـلازمـون مُــعَــلِّــمَــهِــُم لَـيْـل نهار، ويُـعـايِـنـونَ الآيـاتِ والـمُــعْــجِــزات، وَقَــفــوا عـاجِـزيـنَ، إِلَّا أَنَّ الــرَّبَّ يَــسـوعَ شـاءَهـا فُـــرْصَـةً تَــعْـلـيـمِــيَّــةً لِـتَـلامِيـذِهِ، فَــطَـــلَــبَ مِـنْـهُـم أَنْ يَــأتـوهُ بِـمـا عِــنْــدَهُـم مِـنْ طَـعـام. هُــنـا، يُــعَــلِّــمُــنـا الــرَّبُّ أَنْ نُــقَــدِّمَ مـا عِــنْــدَنـا، مَـهْـمـا كـانَ قَــلـيـلًا، وإِذا كـان عَـــطـاؤُنــا نـابِـعًـا مِـنَ الـقَــلْـبِ، مِـنْ دونِ تَـــذَمُّـــرٍ أَوْ خَــوف، يُــبـارِكُ الـربُّ تَـــقْــدِمَــتَــنـا، ويَـجْـعَــلُـهـا كـافِــيَـةً، لا بَــلْ تَــفـيـضُ ويَــفْــضُـلُ عَــنْـهـا الـكَــثـيـر. يُــعَــلِّــمُــنـا رَبُّــنـا أَنْ نَـضَـعَ إِمْـكـانـاتِـنـا الـمَـحــدُودَةَ بَـيْنَ يَـدَيْـهِ وهُـــوَ يُــلْـغــي مَــحْــدودِيَّـــتَــهـا، إِنْ آمَــنَّــا بِـه”.

واضاف: “الـعَــدَدُ «خَـمْـسَـة» يُـشــيـرُ إلـى الـنَّـامـوسِ، إِذْ إِنَّ الــتَّــوراة هــي الــكُــتُــبُ الـمـوسَـوِيَّـةُ الـخَـمْـــسَــةُ الأُولـى مِــنَ الــعَــهْــدِ الــقَــديـم. يُـشـيـرُ أَيْــضًــا إلـى الـحَـواسّ الـخَـمس الَّــتـي أَنْــعَـــمَ اللهُ بِـهـا عـلـى الإِنـسـان. فـإِنْ لَــمْ تُــطَــبِّـــق حَـواسُّـــنــا كُــلُّــهـا الـنَّـامـوسَ بِـمَـحَــبَّـةٍ، كُـــلٌّ حَــسَـــبَ اسْــتِــطــاعَــتِــه، يَــبْــقــى الإِنْـسـانُ مُــحْــدودًا بِــمَـــنْـــطِـــقِــهِ الـبَــشَــرِيِّ الـضَّـعـيـف، غَـــيْـــرَ مُـــؤمِـــنٍ بِــقُـــدْرَةِ الـــرَّبِّ غَـــيْـــرِ الـمُــتَــنـاهِـــيَـة. نَـحْـنُ فـي زَمَــنٍ يَــكْــثُـــرُ فـيـهِ الـيـائِـسـون، لِـــذا، مَــنْ يَــسْــتَــطــيـع، عَـــلَــيْــهِ أَنْ يُـعْـــمِـلَ حــاسَّـةَ الــسَّــمْـعِ لِـــكَــي يُــسـاعِــدَ الـيـائِـسَ عــلـى إِخْـــراجِ مَـــكْــنـونـاتِ قَـــلْـبِـهِ وإِحْــلالِ الـمَـسـيـحِ مَــكـانَـهـا. هَـــذا عَـــمَــلُ مَـحَــبَّـةٍ بَــسـيـطٌ، لَـــكِـــنَّــهُ قَـــدْ يُــنْــقِــذُ نُـفـوسًـا مِـنَ الـمَـوْت. الـسَّـمَــكَـةُ، فـي الـتَّـقـلـيـدِ الـمَـسـيـحِـيّ، تَـرْمُـــزُ إلـى الـمَـسـيـح، إِذْ إِنَّ اسْــمَـهـا بِـالـيـونـانِـيَّـةِ مُــشَــكَّــلٌ مِـنْ أَحْــرُفٍ خَــمْــسَــةٍ تَــخْــتَــصِـرُ عِـبـارَةَ: «يـسـوعُ الـمـسـيـح ابـنُ اللهِ الـمُــخَـــلِّـص». الـسَّــمَـــكَــتــان، يُــمـكِـنُ أَنْ تَـــكــونـا رَمْـــزًا لِــطَــبِــيـعَــتَـيْ الـمَـسـيـحِ الإِلَـهِـيَّـةِ والـبَـشَـرِيَّـة، أَيْ إلـى الإلـهِ الـمُـخَـلِّـصِ الَّـذي تَـــأَنَّــسَ لِـــيُــنْـــقِــذَنــا مِـنْ جـوعِــنـا إلـى الـخَـطـيـئَـةِ، عَـبْـرَ إِشْـبـاعِــنـا مِـنْ نِـعْــمَــتِـهِ الإِلَـهِـيَّـة. وقَـــدْ أَعْـطـانـا جَـسَـدَهُ خُــبْـــزًا لـمَـغْـــفِـــرَةِ الـخَـطـايـا ولِـلـحَـيـاةِ الأَبَـــدِيَّــةِ. أَمَّـا الإِثْــنَـتـا عَــشْــرَةَ قُــفَّـةً الَّـتـي بَـقِـــيَـتْ، فَــتُــشـيـرُ إلـى شَـعْـبِ اللهِ الـمُـؤمِـنِ، مِـثْـلَ الأَسـبـاطِ الإِثـنَـيْ عَـشَـرَ الَّـتـي شَـكَّــلَـتْ شَـعْــبَ اللهِ الـمُـخْـتـار. عِـنْـدَمـا يُـشْـبِـعُــنـا الـرَّبُّ مِـنْ كَـلِـمَـتِـهِ ونِـعَــمِـهِ الإِلَـهِـيَّـة، نُـصْـبِـحُ شَـعْــبَـهُ الـخـاصَّ الـمُـؤمِـن، فَــنُــثْــمِـرُ ونَـفـيـضُ كـالـسَّـنـابِـلِ الـمَـلأَى”.

وتابع: ” لَـقَـد تَـرَكَ الـرَّبُّ الـشَّـعْـبَ يَـجــوع، وهَـــذا الـعَــدَدُ الـكَـبـيـرُ مِـنَ الـجِـيـاعِ لا يَــفْــضُــلُ عَــنْــهُـم أَيُّ فُـتـات، لَـكِـنَّ الــرَّبَّ شـاءَ أَنْ يُـظْـهِـرَ قُــدْرَتَـهُ لِــكَـيْ يُـؤمِـنَ بِـهِ تَـلامـيـذُهُ، حَـتَّـى يَـهــوذا، ولِـهَــذا نَـجِـدُ أَنَّ مـا تَــبَــقَّـى مِـنَ الـقُــفَــفِ كـان عـلـى عَــدَدِ الـتَّـلامـيـذِ، الأَمْـــرُ الَّـذي شَـكَّــلَ دَيـنـونَـةً أَعْــظَـمَ لِــيَـهـوذا الَّـذي عايَــنَ قُـــدْرَةَ الـــرَّبِّ يَـســوعَ، لَــكِـــنَّــهُ لَــمْ يُـــؤمِــنْ بِـهِ، بَـــلْ فَـضَّـلَ أَنْ يَـضَـعَ ثِـقَـتَـهُ فـي حَـفْــنَـةٍ مِـنَ الـنُّـقـود. هَـذا مـا نَـقَـعُ فِـيـهِ جَـمـيـعًـا، عِـنْـدَمـا نَــظُـــنُّ أَنَّــنـا مُــؤمِـنـونَ، لَـكِـنَّـنـا نَـتَـصَـرَّفُ عَـــكْــسَ إِيـمـانِـنـا، فَــنَــكْــنِــزُ الأَمـوالَ والـمـآكِــلَ وشَـتَّـى الـمـادِّيَّـات، ظَــنًّـا مِـنَّـا أَنَّـهـا سَـتَـبْـقَـى سـالِـمَـةً، لـكـنّ الـسَّـارِقَ يَـأتـي عـلـى غَــفْــلَــةٍ، والـسُّـوسَ لا يَــتْــرُكُ طَـعـامًـا إِلَّا ويَـغْــزوه. الـــرَّبُّ وَحْــدَهُ هُــوَ الـسَّــرْمَــدِيّ، الَّــذي كـانَ، والـكــائِـنُ، والَّـذي سَـيَـكـون”.

وقال: “يـا أَحِـبَّـة، فـي بَــلَـدِنـا كُــلُّ جَـمـاعَـةٍ تَـضَـعُ ثِـــقَـــتَــهـا فـي مَـكـانٍ مُـحَـدَّدٍ، إِلَّا فـي الـمَـكـانِ الـمُـنـاسِـب. لا نَــجِــدُ انـتـمـاءً واضِـحـاً لِـلُـبـنـانَ، وَطَــنًــا واحِــدًا لِـشَـعْــبٍ واحِــدٍ، يَـحْـمـيـهِ جَــيـشٌ واحِــدٌ يَــجْــمَـعُ الـكُــلَّ تَـحْـتَ رايَـةِ الـوَطَـنِ الـواحِـد، هـذا الـجـيـشُ الـذي، في مـنـاسـبـةِ عـيـدِه، نـسـألُ اللهَ أن يَـحــمــيـه قـيـادةً وأفــراداً. كُــلُّ جَـمـاعَـةٍ تـخــافُ غــيــرَهـا، الَّـذي هُــوَ شَـريــكُـهـا في الـوَطَــن. بَــلَـدُنـا تَــشَــرْذَمَ بِسَــبَــبِ غِــيـابِ الـمَـحَـبَّـةِ، وعـدمِ الإعــتــرافِ بـالآخَـرِ الـمُـخْـتـلِـفِ والـتـواصُـلِ مـعـه خـوفـاً مـنـه. إلـى مـتـى سـيـبـقـى شـعــبُ لـبـنـان شُـعــوباً؟ إلى مـتـى سيـبـقـى لـبــنـانُ تـحـتَ وطـأةِ الإخــتـلافـاتِ والإنــقـسـامـاتِ والـتـبـايُــنِ فـي الآراء؟”.

وتابع: “بَـعْـدَ أَيَّـامٍ قَـلـيـلَـةٍ تَـحِـلُّ الـذِّكْـرى الـثَّـالِــثَــةُ لِـلـحَـدَثِ الأَلـيـمِ الـدَّمَــوِيِّ الَّـذي أَصـابَ قَـلْـبَ الـعـاصِـمَـةِ بَـيـروت، فَــقَــتَــلَ ودَمَّــر وشَــرَّدَ وهَــجَّــرَ. الــرَّابِـعُ مِـنْ آب 2020 ذِكْـــرى لَــنْ تَـغــيــبَ عَــنْ وجــدانِ أَيِّ لُـبْـنـانِـيٍّ أَيْــنَـمـا حَــلّ، فـكـيـف بـأبـنـاءِ بـيـروت الـذيـن دَفَـعــوا مِـنْ أرواحِـهــم وفَــلَــذاتِ أكـبـادِهـم وأمـلاكِـهـم ثَـمَــنَ جـريـمـةٍ لا يَـرتـكـبُـهـا مَـنْ فـي صـدرِه قـلـبٌ لَـحـمـيٌّ يَــنــبُــضُ بـالإنـسـانـيـة، أو مَــنْ يَـحـمِــلُ ضـمـيـراً واعـيـاً يَــدُلُّــه عـلـى الـخـيـرِ ويَــردَعُــه عَـنْ كُـلِّ شَـرٍّ وأذى. سَـتَــبْــقَـى هَـــذِهِ الــذِّكْـــرى شَــوْكَــةً تَــنْــخَــزُ ضَـمـائِـــرَ الـمَـسـؤولـيـنَ عَـنـهـا، الَّـذيـنَ سَـبَّــبــوهـا، والـذيـن عَــلِـمـوا بـإمـكـانـيـةِ حُــدوثِـهـا ولَـمْ يَــمْــنَـعـوهـا، والَّـذيـنَ لَـمْ يـتَـحَــرَّكـوا بَـعْـــدَ وُقـــوعِــهــا، والَّـذيــنَ وَعَـــدونـا بِـإِنْـجـازِ الـتَّـحـقـيـقِ فـي أَسْـــرَعِ وَقـــتٍ، وقـد مَـرَّتْ الـسَّـنَـواتُ ولا نَـــزالُ نَــنْــتَــظِــرُ عـلـى الأَطْـلال. صَـحـيـحٌ أَنَّ الـنَّـاسَ تـابَـعـوا حَـيـاتَـهـم، لَـكِـنَّ ذَلِـــكَ لا يَـعـنـي أَنَّ شِـفـاءَ نُــفــوسِــهِــم وأَجـســادِهِــم وقُـلـوبِـهِـم قَـــدْ تَــمّ. شَـعْـــبُــنـا قَــوِيٌّ، ويُــقَــدِّسُ الـحَـيـاة، لَـكِـنَّـهُ فـي الـوَقـتِ نَـفْـسِـهِ لا يَـنـسـى أَحِـبَّـاءَهُ الَّـذيـنَ فَــقَــدَهُـم فـي لَـحْـظَـةِ غَــدْرٍ، عِـنْـدَمـا كـانـوا فـي أَمـانِ مَـنـازِلِـهِـم، أَوْ فـي سَـيَّـاراتِـهِـم، أَو فـي مَـراكِـــزِ عَــمَـلِـهِـم، كَـالـمُــمَــرِّضـاتِ الـبـاسِـلاتِ الـلَّـواتـي يَــفْــتَــقِــدُهُـــنّ مُـسْـتَـشــفــى الـقِـــدِّيــسِ جـاورجـيـوس الـجـامِـعِـيُّ، وسِـواهُـــنَّ مِـنَ الأَبْـطـالِ الَّـذيـنَ قَــدَّمـوا أَرواحَـهُـم بِـشَـجـاعـةٍ، ونَـخُـصُّ بِـالـذِّكْـرِ مِــنـهُــم أَفْــرادَ فَــوجِ إِطـفـاءِ بَـيـروت. هَـــذا الـشَّـعــبُ الــقَــوِيُّ يُـطـالِــبُ بِـإِحْـقـاقِ الـحَــقِّ، وبِـأَنْ تَـأخُــذَ الـعَــدالَـةُ مَــجْــراهـا، وتُــرْفَـعَ الـحَـصـانـاتُ لِــيُـحـاسَـبَ كُــلُّ مُـرْتَـكِــبٍ ومُـهْــمِــلٍ، كـائِـنًـا مَـنْ كـان، عَــلَّ ذَلِـكَ يَـكـونُ درسـاً لـكـلِّ مَـنْ تُـســـوِّلُ لـه نَــفْــسُـه ارتـكـابَ جـريـمـةٍ مُـمـاثـلـة، وخُـطْــوَةً تُـــبَـــرِّدُ قُـــلـوبَ كُــلِّ الَّـذيـنَ خَـــسِــروا أَحِــبَّــاءَهُـــم، ومُــمْــتَــلَــكـاتِـهِـم، وجَــنـى أَعْــمـارِهِـم، أو أُصـيــبــوا فـي أجـسـادِهـم. كــلُّ هـــؤلاء يـنـتـظـرون اسـتـكـمـالَ الـتـحـقـيـقِ وكَــشْــفَ الـحـقـيـقـةِ وإنــزالَ الـعــقـابِ بِــمَــنْ أنـزلَ بهـم هذا الضـررَ الجسيم. لـكــنَّ الـمُـحـزِنَ أنـهـم هـم الـذيـن يُـعـاقَـبـون إمـا بـإعـاقـةِ الـتـحـقـيـقِ أو بـإخـفـاءِ الـحـقـيـقـةِ أو بـإسـكـاتِـهـم وقَــمْـعِــهـم وملاحَـقَــتِـهم. هــل هــذه هـي الـعـدالةُ الـتـي يَــطـمـحُ إليها كــلُّ إنسان؟ هــل هــكـذا تُـعـالَـج جـريـمـةٌ بـحجـمِ عاصمـة؟ كـيـف يَـشـعــرُ الـمـواطـنُ بـالأمـانِ بِـلا قـضـاءٍ عــادلٍ وبِـلا مُـحـاسـبـةِ الـمُـجـرمـيـن؟ هـل يَـجـوزُ أنْ تَـمُـرَّ بِـلا مُـحـاسَـبَـةٍ جـريـمـةٌ دَمَّـرَتْ الـعـاصـمـةَ وأصـابـتْ الآلاف؟ حـيـثُ لا مـحـاسـبـةَ لا أمـانَ ولا انـضـبـاطَ ولا اسـتـقــرار”.

وختم عوده: “سـوفَ نُـصَـلِّـي الـيَـوْمَ مَـعـاً مِـنْ أَجْـلِ راحَـةِ نَـفْـسِ كُـلِّ مَـنْ سَـقَـطَ ضَـحِـيَّـةَ الــتَّــفـجـيـرِ الآثِــم، ومِـنْ أَجْــلِ تَـعــزِيَــةِ كُــلِّ الَّـذيـنَ تَـــأَذُّوا نَــفْــسًــا وجَــسَــدًا. نُــصـلّـي مِـنْ أجـلِ عـاصِـمَــتِـنـا بـيروت الـتـي مـا زالـتْ تُــلَـمـلِـمُ أشـلاءَهـا، بـيـروت الـتـي تَـدفَـعُ دائـمـاً الـثَـمَـنَ مـع أبـنـائـهـا، ولا ذَنـبَ لـهـا إلاّ أنّـهـا الـعـاصـمـةُ الـجـمـيـلـةُ، الـمـحـبـوبَـةُ مِـنْ جـمـيـعِ مَـنْ عَــرَفَـهـا، والـمُـضْـطَـهَـدةُ مِـنْ كُـلِّ غـاضِـــبٍ عـلـى الـدولـةِ، أو ثـائـرٍ عـلى الـسـيـاسـيـيـن، أو يـائـسٍ مِـنْ الـحـالَـةِ الـتي وَصَـلْـنـا إلـيـهـا. بـيـروت الـتـي مـا زالـتْ تـنـتـظِـرُ الـمـبـادَراتِ الـخـاصـةَ لإنـارَةِ شـوارعِـهـا أو لإصـلاحِ طُـرُقِـهـا أو لـتـرمـيـمِ مـنـازلِـهـا الـتـي دمَّـــرَهـا الإنـفـجـارُ، ومـا زالَ هـنـاك مَـنْ يَـتَـحَـيَّـنُ الـفُـرَصَ لشِـرائِـهـا وتَـهـجـيـرِ أهـلِـهـا. بـيروت الـتـي مـا زالـتْ تــنــتــظِـــرُ الـعــدالةَ وتــتـسـاءلُ أيــن الـتـحـقـيـقُ ولِـمَ لَـمْ يُـسْـتَــكْــمَـلْ؟ بـيـروت الـتـي، مَـعَ تَــمَــسُّــكِـهـا بحَــقِّــهـا بمعـرفَــةِ الحقـيقـةِ وإنــزالِ الـعــقـابِ بِـمَــنْ طـعَــنَ قـلْبَهـا وقَــهَــرَ أبـنـاءَها، تـؤمِـنُ بـأنَّ عـدالـةَ الـسـمـاءِ مـهـمـا تـأخّـرَتْ آتـيـةٌ لأن «لِــيَ الإنـتـقـامُ، أنـا أجـازي» يـقـولُ الـربُّ الـقـديـر (عـب 10: 30). بـارَكَ اللهُ حَـيـاتَــكُــم وأبـعـدَ عـنـكـم كـلَّ غَـــدْرٍ وكـلَّ شــرٍّ وكــلَّ حــزنٍ وقــلـقٍ، وضاعــفَ المـحـبةَ في قـلـوبِكـم لِــتَــشِـعُّـــوا إيـمـاناً وفـرحـاً وعـطـاء، آمـيـن”.

:شارك الخبر