وعد رسمي من البابا.. وإرتياح كبير لدى أهالي ضحايا المرفأ
كتبت صونيا رزق في “الديار”:
بعد وعد رسمي بكشف حقيقة تفجير المرفأ والمسببين بهذه الكارثة الكبيرة خلال خمسة أيام، مرّت اربع سنوات على تاريخ 4 آب 2020 المشؤوم، الذي اودى بحياة 225 شهيداً واكثر من 7 الاف جريح مع دمار هائل، لم يتغير شيء في المشهد، اذ يستمر تقاعس السلطة عن إحقاق العدالة التي وعدت بها، ولا يزال اهالي الضحايا ينتظرون كشف الفاعلين، علّ ذلك يُخفف بعض معاناتهم، ويريح الضحايا في عليائهم اذ وكلّما مرّ الوقت كلّما كبُر الجرح، وكلما تأخر التحقيق كلّما زاد الألم، هذه العبارات تختصر مأساة الاهالي اليومية، لكن ومع المستجدات التي طرأت على القضية في شباط من العام 2021، حين كانت العيون شاخصة الى ما سينتج عن تحقيقات المحقق العدلي في القضية حينذاك القاضي طارق البيطار، الذي فاجأ الجميع بعد الادعاءات بحق شخصيات سياسية طالباً اياهم الى التحقيق، في المقابل لم ُترفع عنهم الحصانات، الامر الذي كاد ان يُدخل الملف في قلب الانفجار. فيما على الخط الانساني، سقط الكلام امام دموع وحزن اهالي الضحايا، الذين يتنقلون يومياً بحثاً عمَن ينصف قضية ضحاياهم، الذين سقطوا من دون أي سبب معروف لغاية اليوم، فدفعوا الثمن الباهظ.
الى ذلك، بات المشهد المأساوي يتنقل عبر الامهات الثكالى، مع صور فلذات الاكباد للتذكير بالفاجعة التي هزّت العالم بأسره، من دون ان تهزّ ضمائر بعض المسؤولين.
اربع سنوات والحزن يخيّم على ارجاء مرفأ العاصمة الجريحة، فبات المكان نقطة مخيفة ومرعبة لكل اللبنانيين، وبصورة خاصة للقاطنين في محيطه، مع غياب احبائهم الذين سقطوا ضحايا تفجير رهيب، غابت عنه عدالة الارض، اذ إعتدنا في لبنان على هذه الصورة، فلا عدالة ولا محاسبة، بل طمس للحقائق وغياب للمسؤوليات، لانّ ما جرى يطرح تساؤلات، واتهامات للسلطة بالإهمال وبإخفاء حقيقة ما جرى، مع تكرار الجواب الدائم “ليـست مسؤوليـتي”.
في غضون ذلك، توالت المواقف السياسية والدينية والحزبية الداعية الى كشف الحقيقة، لكن من دون اي جواب، وفي طليعتهم البطريرك الماروني بشارة الراعي، الذي كان وما زال ينتقد الحكومة في اخفاقها بمحاسبة المسؤولين، داعياً الى تحقيق دولي في هذه الجريمة .
كما دعت منظمة الأمم المتحدة الى إجراء تحقيق دولي في الانفجار، وأعربت بعثة الاتحاد الأوروبي في بيروت والبعثات الديبلوماسية التابعة للدول الأعضاء في الاتحاد المذكور، الى التعاطف مع العائلات التي فقدت أحبائها في ذلك اليوم المأساوي، وجدّدت تضامنها والتزامها بمواصلة دعمها للاستجابة لمواجهة تداعيات الانفجار، الى جانب الجهات الفاعلة في المجتمع المدني.
كل هذه الدعوات لم تصل الى اي نتيجة، ومع هذا لم ييأس اهالي الضحايا وطالبوا بتحقيق دولي، فتلقوا دعوة من قداسة البابا فرنسيس لزيارته، فإنطلقوا قبل ايام للقائه عبر وفد ضمّ عشرين شخصاً، لتمثيلهم في الفاتيكان ونقل معاناتهم وتسليط الضوء على هذه القضية الانسانية والمحقة، كما كان لهم لقاء موسّع مع أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بياترو بارولين، ومع مجموعة من الصحافيين والمنظمات الأهلية، شرحوا خلاله تعثر التحقيق في القضية منذ سنوات.
الى ذلك نقل بعض اهالي الضحايا لـ”الديار” مدى دعم قداسته لقضيتهم، وتشديده على ضرورة تحقيق العدالة مع إطلاعه على الملف بكل أبعاده، قائلاً لهم: “أنتم لستم وحدكم وسنبقى متضامنين معكم”. واشاروا الى انّ اللقاء مع قداسته شكّل دعماً وإرتياحاً كبيراً لديهم، اذ شعروا انهم ليسوا متروكين، بل معهم سند كبير سيعيد هذه القضية الى الواجهة الدولية، من خلال تواصله مع الدول الفاعلة مما يعني انّ صوتهم سيصل بقوة الى المجتمع الدولي، بسبب الدور الكبير للكرسي الرسولي على الساحة العالمية.
وأشار الاهالي الى انّ هذا الاجتماع سيستكمل بإتصالات مكثفة ولقاءات من قبل حاضرة الفاتيكان على المستوين اللبناني والدولي بحسب ما قيل لهم، وهذا يؤكد بأنّ الملف سيكون في اياد امينة، وسيعطي الامل بكشف الحقيقة المنتظرة منذ اربع سنوات.
وختموا بسؤال: “ماذا لو حصلت هذه الكارثة في بلد آخر؟ بالتأكيد لكانت أسقطت عروشاً وانظمة، لكن في لبنان لا لوجود للمساءلة او العقاب، هكذا إعتدنا بأن لا جريمة تكشف مهما طال الزمن، واصفين جريمة 4 أب بالتاريخ المثقل بالمآسي والاحزان على مدى إتساع الكون، لكن اليوم هنالك باب أمل كي يرتاح ابناؤنا في عليائهم”.