جعجع: العدالة تتطلب تغييراً بالمنظومة الفعلية
أكد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع أن “مناسبة الذكرى الثالثة لتفجير مرفأ بيروت حزينة لنا، ولكن في الوقت عينه، يجب أن نرتكز عليها للانطلاق بتصحيح الوضع القائم”. وقال: “بما يتعلق بالعدالة بانفجار مرفأ بيروت ليست موضوعاً مستقلاً قائماً بحد ذاته بمفرده، والبعض يقع بخطأ اعتبار أننا قادرون على تحقيق العدالة بانفجار المرفأ، والوضع القائم يبقى قائماً كما هو، وذلك مستحيل، فهذا الأمر هو جزء من كل”.
ولفت جعجع عبر اذاعة “لبنان الحر” الى أن “الكل” هو الوضع القائم في لبنان منذ نحو 8 أو 9 أو 10 سنوات لحد الآن، وهو ما ولّد مجموعة مآس، أكثرها إيلاماً من الناحية البشرية هو تفجير المرفأ، لكن أيضاً يجب ألا ننسى أنه الى جانب الانفجار، لم يعد هناك صورة لدولة لبنان في الخارج، وانهارت عملتنا الوطنية، وكل هذه الأمور مآس تدخل الى كل بيت. وصحيح أن هناك 220 شهيداً بانفجار المرفأ، لكن هناك أيضاً 4 ملايين لبناني شهداء، اضافة الى تدهور سعر صرف الليرة، إلى 70 مليار دولار اختفوا من الأموال العامة وأموال المودعين وأموال المصرف المركزي والمصارف ككل، واللائحة تطول”.
وأردف: “بالتالي لتصحيح الصورة لأنني أفضل دائماً أن أكون واضحاً، العدالة في تفجير المرفأ هي جزء من “كلّ” وإذا لم يتصحح “الكل” لا إمكانية لتصحيح الجزء، وإذا لم يتصحح وضع الدولة في لبنان وبات هناك دولة فعلية، من المؤكد أننا لن نتمكن من الوصول إلى العدالة”.
وشددّ جعجع على أن “ذلك لا يعني ترك الملف حتى يتصحح كل شيء آخر، ونحن منذ اللحظة الأولى لم نترك شيئاً قادرين على فعله إلا وفعلناه في الظروف القائمة، وهي ظروف لا عدالة ولا مساواة ولا حق ولا عدل ولا قضاء”.
أضاف: “منذ اللحظة الأولى وبعدما تم الحديث عن تحقيق خلال 5 أيام، لجأنا فوراً إلى لجنة تقصي حقائق دولية، لأن لا ثقة لنا بالسلطة الحاكمة لا بأنفسنا وببلدنا، وللأسف القضاء ممتلئ بتابعين للسلطة الحاكمة، علماً أنه يبقى هناك قضاة جيدون كما تبين مع القاضي طارق البيطار، لكن بشكل عام هذا القضاء تحت يد السلطة الحاكمة، وبالتالي كنا مدركين بأنه في أي وقت يتقدم التحقيق بشكل جدي، السلطة ستتدخل وتوقفه”.
واستطرد: “لهذا السبب طالبنا بلجنة تقصي حقائق دولية، ومنذ اللحظة الأولى من 3 سنوات، مكتبنا في واشنطن تواصل مع الإدارة الأميركية، ومكتبنا في نيويورك تواصل مع الدول الـ5 الأعضاء في مجلس الأمن، أي فرنسا وبريطانيا وأميركا وروسيا والصين. أما جهاز العلاقات الخارجية في لبنان فقام بجولات متعددة ودورية على سفارات الدول الـ5 الأعضاء في مجلس الأمن للتمكن من نيل لجنة تقصي حقائق دولية من الأمين العام للأمم المتحدة، لأنه قادر على تشكيلها لكنه بحاجة لمساندة دولتين أو 3 كبار”.
وأسف جعجع أنه “منذ أول 6 أشهر من جولاتنا على هذه المرجعيات والاوساط الدبلوماسية، تفاجأنا أن قسماً منها لا يريد لجنة تقصي حقائق دولية، لأن له مصالح مع إيران، وقسما آخر لا يريد لأن مشاكله مع ايران تكفيه ولا يريد زيادتها. الدول الـ5 الأعضاء في مجلس الامن لا تريد، ليس رفضاً للعدالة لضحايا الانفجار إنما لأنها لا تريد مشكلة إضافية مع ايران. وفي لقاءاتي مع السفراء عندما كنت أسأل ما علاقة إيران بالموضوع، كان الجواب انه من المعروف أن جماعة ايران في لبنان هي من ترفض لجنة تقصي حقائق دولية، في وقت ليست محكمة دولية ولا من يحزنون، إنما هي لجنة تقصي حقائق وعلى حساب مجلس الأمن ولا تكلف شيئاً الدولة اللبنانية”.
وأكّد جعجع أنّ “العدالة لا تتحقق وحدها، بل تتطلب تغييراً بالمنظومة الفعلية”، لافتاً الى ان “القوات” التي تشكل عماد المعارضة الرئيسي، تخوض معها مواجهة تاريخية في هذه المرحلة، وعلى سبيل المثال لا الحصر في ملف معركة رئاسة الجمهورية”.
واضاف: “للوصول الى العدالة في انفجار مرفأ بيروت، يجب أن يكون هناك دولة وهذا ما نعمل عليه بشكل أساسي وتضع القوات كل “تقلها” في هذا الملف، لكن ذلك لم يمنعنا من العمل على خطوات مرحلية علها توصلنا الى مكان ما. والخطوة الأولى التي بدأنا بالعمل عليها كانت لجنة تقصي حقائق دولية. وعندما رأينا أننا لن نستطع الوصول الى نتيجة مع مجلس الأمن للأسباب التي ذكرتها، توجهنا إلى مجلس حقوق الانسان في جنيف، وواجهتنا المشكلة عينها إذ تتطلب الأمور أكثرية في المجلس، والدول الممثلة فيه تنقسم بين من لا يريد “زعل” إيران ومن لا يريد مشاكل إضافية معها”.
وأشار إلى أن “أستراليا من الدول التي ليس لديها هذه الاعتبارات وحاولت قدر المستطاع، خصوصاً في مجلس حقوق الانسان، لكنها لم تتمكن من إحداث خرق بمفردها”.
وتابع: “داخلياً، منذ اللحظة الأولى كنا خلف التحقيق، ونذكّر كم حاولوا نقل القضية من يد القضاء العدلي ووضعها بعهدة المجلس الأعلى لمحاكمة النواب والوزراء، وتصدينا مع كتل أخرى ولم نسمح بذلك. بعدها حاولوا الضغط على القضاة، طار الأول وجاء الثاني وما كنا نعرفه، لكن سمعنا أنه قاض نظيف وحاول العمل بجدية فأمعنوا بعرقلته وهبينا لمساندته ووصلنا الى ما وصلنا إليه اليوم”.
ورأى جعجع أن “القوات، ومعها المعارضة تخوض المواجهة الكبرى، وتقوم بما يمكن فعله إن بما يخص لجنة تقصي حقائق دولية أو بما يتعلّق بمساندة القضاء المحلي، ولولا تدخل جماعة السلطة لكان صدر القرار الظني منذ 6 أشهر، وفي النهاية “نحنا وياهم والزمن طويل” ولا يظنن أحد أنه إن لم يتم الوصول الى نتيجة الآن يعني ذلك لن يتم”.
وأوضح أن “ثمة امورا تتطلب وقتاً، فمثلاً المواجهة التي خضتها في الاعتقال لم تنته في اليوم الثاني ولا الشهر الثاني ولا حتى بعد سنة، واستمرت وأخذت المواجهة 11 سنة و3 أشهر وأسبوعا، لكنها تمت في النهاية. هناك مواجهة هائلة من قبل فريق السلطة المكوّنة من فريق الممانعة والتيار الوطني الحر وسنواجه حتى النهاية وحتى احداث الاختراقات المطلوبة”.
أضاف: “نريد تغيير الطغمة الحاكمة الحالية، التي قوامها حزب الله وحلفاؤه والتيار الوطني الحر الذي تمايز في التحقيق بانفجار المرفأ، إلا أنه جزء من السلطة القائمة، لان لا عدالة في أي أمر في حال بقيت هذه السلطة”.
وعن انتخابات رئاسة الجمهورية، قال جعجع: “محور الممانعة خرج من الانتخابات أضعف مما كان، لكن ما يعرقلنا هو أن 20 نائباً تقريباً في مجلس النواب يرفضون الدخول بالمواجهة معنا، تحت مسمّى أنهم خارج الاصطفافات، في وقت هناك مواجهة وطنية واضحة، لذلك ما يؤخّرنا للوصول إلى نتائج فعلية على الرغم من صمود المعارضة وخوضها لمعركة رئاسة الجمهورية بأفضل ما يكون منذ نحو سنة وحتى الآن، هم الـ20 نائباً الذين يقفون بالوسط، وعليهم واجب الاصطفاف مع الحقيقة. ونحن كمعارضة وكقوات لبنانية مستمرون حتى النهاية في المواجهة الطويلة والقوية لأنه يجب الوصول الى تغيير اليد التي تتمسك بالس
وتابع: “لن أوجّه نداء لحزب الله لأنه حزب إيديولوجي ببعد سماوي والأمور عنده محددة بشكل كامل وشامل ونهائي، ومن غير المعقول أن يغيّر أي شيء لأن له سكة مرسومة من الأزل الى الأبد، لكن أوجّه رسالة إلى الـ20 نائباً الذين يقفون في الوسط لأقول لهم إن هذه المواجهة مواجهتكم من أجل الذين انتخبوكم لتحسنوا أوضاعهم، ولا يمكنكم تجنب الصراع، فالتاريخ قائم عليه، وإذا ثمة ما يمكن فعله لإنقاذ الوضع ولم نفعله اقترحوه علينا، وهذا الأمل الوحيد، والخيار اليوم إما حزب الله وحلفاؤه أو مشروع المعارضة”.
وتوجه جعجع الى أهالي الضحايا قائلا: “لن نترككم مهما طال الزمن، ونريدكم ألا تيأسوا وأنتم أصحاب الحق والدم وسنكمل حتى النهاية، ولكن الأهم أن القضية لها علاقة بوضعية الدولة اللبنانية في المرحلة الماضية كلها، لذلك يجب أن نصبّ كل قوانا بالاتجاه نفسه للوصول إلى دولة مختلفة، ماذا وإلا ليستر الله من انفجار اكبر أو أصغر من 4 آب”.
وختم: “لو كنت في سدة الرئاسة في 4 آب العام 2020 لما كان وقع الانفجار في مرفأ بيروت أساساً، لان الامور في الدولة كانت ستسير كما يجب”.