رغم صُغر سنها.. شابة لبنانية من لاعبة كرة قدم إلى حَكَمٍ دولي
لم يمنعها صُغر سنّها ووجها “الطفولي” من استكمال حُلمها في الرياضة، فآمنت بنفسها وعملت على تطوير ذاتها، حتى أصبحت مرشّحة على اللائحة الدولية للحكام لعام 2025. نتحدث هنا عن شابة تدعى جنى حيدر، حكمة لبنانية تبلغ من العمر 24 عامًا، سلكت باب النجاح والنجومية بكل جدية، منذ طفولتها.
جنى الطفلة أحبّت كرة القدم في البداية، اذ كانت لعبة إبنة الـ 6 سنوات، لكن الحب هذا سرعان ما حوّلها للاعبة رسمية في صباها، فلعبت مع فريق نجوم الرياضة للسيدات SAS في الـ 16 من عمرها. ولكن هذه اللعبة تركت في نفسها إثارة دفعتها لمراقبة الحكّام في أرض الملعب. فكيف يركض الحكم مع اللاعبين، يُدير المباراة، يوقف اللعب ويطبق القوانين.. كلها أمور جذبت الشابة أكثر من اللعبة نفسها. فبعد ذلك، قرّرت ترك مجال اللعب في كرة القدم والاتجاه إلى مجال التحكيم عام 2018، بعد دخولها دورات تدريبية عدّة وبدعم وتشجيع من صديقاتها الحكّام.
تعلّقت حيدر بهذا المجال، فدفعها حبها له للالتزام بكل الدورات التدريبية، وهو ما فتح لها الأبواب للمشاركة في عدة بطولات واستحقاقات على المستوى القاري وعلى مستوى غرب آسيا، وكحكم مساعد في مختلف البطولات المحلية في لبنان، أهمها نهائيات كرة القدم للسيدات وكافة الفئات العمرية ذكور وإناث، بالإضافة لدرجة رابعة رجال ومباريات ودية درجة أولى.
الشابة الطموحة، عبّرت عن فرحها لاختيارها ضمن قائمة الحكام المساعدين الذين تم ترشيحهم دولياً من قبل الاتحاد اللبناني لكرة القدم. وقالت لـ “لبنان24” أن “اختيار التحكيم كان صعبًا بعض الشيء لأن فيه المسؤولية أكبر، ويتطلب الكثير من التحضير والتمرين، لكن بدا لها أنه يوفر فرصًا احترافية”.
ورغم الفرح، لا تخفي جنى الصعوبات التي واجهتها خلال رحلتها الرياضية في مجتمعنا “الشرقي”، فتحدثت عن بعض منها لـ “لبنان 24″، كاشفة أن هامتها الصغيرة عرّضتها لانتقادات عدّة، وحتى وجهها البريء!
“شو جايبين ولد يحكّمنا”، ربما هذه العبارة وغيرها قد تحطّم من يشقّ طريقه وأحلامه، لكن جنى لم تحبطها هذه التعليقات ، بل زادتها عزيمة وإصرارًا على التحدّي والمواجهة، وها هي الآن ضمن قائمة الحكّام المساعدين الذين تم ترشيحهم دولياً.
“الحكم” التي أمامها مستقبل باهر، تدرك أن مازال هناك من يرفض وجود المرأة في الرياضة، مضيفة: “كل العنصر النسائي المتواجد في عالم المستطيل الاخضر، يواجه صعوبة في البداية لأن بعض الجماهير لا تزال تستغرب عند رؤية مشجعة أو لاعبة أو مدرّبة وحكم، لكن النساء يفرضن نفسهنّ بقوّة وبسرعة في أي مجال، وخصوصًا من تدخل مجال الرياضة”، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن التعليقات السلبية تحوّلت في الفترة الأخيرة إلى إيجابية، بعد أن اعتاد الجمهور على العنصر النسائي في الملعب.
ولفتت الحكمة الشابة إلى الدعم الذي تلقته، فكان الأهل والأصدقاء والمعارف من أول الداعمين لها، بالإضافة إلى الإتحاد اللبناني لكرة القدم الذي آمن بموهبتها وشجّعها على إثبات نفسها في الميدان.
وعن رسالتها للمجتمع، دعت جنى حيدر عبر حديثها لـ “لبنان 24” إلى “النظر بإيجابية إلى التحكيم النسائي، وضرورة تقبّل وجود المرأة على الملاعب لأنها باتت من أهم عناصره”، كذلك وجهت رسالة للفتيات بأن “النجاح ليس صعبًا لمن تعمل وتثابر”، وقالت: “أدعو كل فتاة لمتابعة حلمها بعيدًا عن نظرة المجتمع، لأننا في النهاية لن نرضي جميع فئاته، لذلك ثابري حتى النجاح”.
وجنى الرياضية، مثابرة ومجتهدة حتى خارج “المستطيل الأخضر”، اذ تخرّجت هذا العام في تخصص البنوك والتمويل من الجامعة اللبنانية، وتعمل في تنظيم وإدارة الأعمال اليومية إلى جانب التحكيم.
هكذا هي المرأة، لا تحتاج إلى كرة القدم إلى إثبات نفسها وقدراتها، فهي قبل كل هذا تلعب دورها المحوري في الأسرة والمجتمع.