رغم التحديات المعقدة.. جاذبية هائلة لـ “تيك توك” للاستحواذ عليه

علوم وتكنولوجيا مارس 31, 2024

رغم التحدي الكبير الذي يواجه تطبيق تيك توك في الولايات المتحدة إذا ما أقر مجلس الشيوخ مشروع القانون الذي وافق عليه مجلس النواب منتصف آذار، إلا أنه فتح شهية المستثمرين للاستحواذ عليه.

الإجراء الذي صوت عليه مجلس النواب الأميركي بالأغلبية من شأنه أن يجبر شركة “بايت دانس” المالكة لـ”تيك توك” على بيع شركتها الفرعية، تحت طائلة حظر التطبيق من متاجر تطبيقات آبل وغوغل في الولايات المتحدة.

ومن أبرز الذين تأكد نيتهم للاستحواذ على “تيك توك”، وزير الخزانة الأميركي السابق ستيفن منوتشين والذي أبلغ مجموعة من المستثمرين الأثرياء عن خطته لشراء التطبيق الذي يستخدمه الملايين من المستخدمين.

وازدادت شعبية تطبيق مشاركة المقاطع القصيرة المصورة حول العالم لكن امتلاك مجموعة التكنولوجيا الصينية العملاقة “بايت دانس” له وخضوعها المفترض للحزب الشيوعي في بكين يثير قلق العواصم الغربية.

وحظرت الصين منصات غربية على غرار فيسبوك وإكس على مدى سنوات في شبكة الإنترنت لديها الخاضعة لرقابة مشددة.

ووفق تقرير لصحيفة واشنطن بوست أخبر المصرفي منوتشين الذي خدم في عهد الرئيس السابق، دونالد ترامب، الداعمين المحتملين، مشيرا إلى أنه يواجه تحديين كبيرين: السعر الذي يقدر بأكثر من 100 مليار دولار، والحظر الذي فرضته الحكومة الصينية على تصدير الخوارزميات التكنولوجية.

ويؤكد منوتشين أن هذه التحديات يمكن التغلب عليها، إذ يمكن عرض شراء التطبيق من دون الاستحواذ على “كودات التشفير المحظور تصديرها” مما يعني إعادة إنشاء خدمة مبنية على مليارات الأسطر من البرمجة لأن تكون قابلة للاستخدام مرة أخرى.

أما تحدي ارتفاع السعر، سيسمح لهم هذا الأمر بتقديم سعر مخفض لشراء التطبيق، وفق ما كشف مصدران مطلعان للصحيفة.

مات بيرولت، أكاديمي في جامعة نورث كارولينا ومدير سابق لفيسبوك قال للصحيفة “الجميع يريد بناء خوارزمية على مستوى تيك توك.. وهذا عنصر أساسية للمنافسة في قطاع التكنولوجيا في الوقت الحالي”.

وأضاف “لقد خصصت جميع الشركات الكبرى الكثير من المال والمواهب الهندسية لهذا الأمر، وكافحت من أجل القيام بذلك”، مشيرا “إذا كان منوتشين يعتقد أنه قادر على فعل ذلك، والنجاح حيث كافحت الكثير من الشركات الناجحة.. حظا سعيدا”.

وتذكر الصحيفة أن التحديات التي يواجهها منوتشين كبيرة إذ أن “تيك توك ليس مطروحا للبيع”، ورغم موافقة مجلس النواب الأميركي على تمرير مشروع القانون إلا أنه هناك جهود مناهضة للقانون لعدم تمريره في مجلس الشيوخ، ناهيك عن صراع محتمل في المحاكم.

وكان منوتشين قد أعرب بعد تصويت مجلس النواب بأنه يؤيد بشدة مشروع القانون الذي سيرفع لمجلس الشيوخ للتصويت عليه.

وقال في تصريحات لشبكة “سي إن بي سي” أعتقد “أنه يتعين إقرار التشريع وأعتقد بأنه يتوجب بيع” تيك توك.

وأضاف أن تيك توك “عمل تجاري عظيم وسأشكل مجموعة لشراء” التطبيق.

وتابع “يجب أن يكون مملوكا لأعمال تجارية أميركية. ما كان للصينيين بأن يقبلوا إطلاقا بأن يتركوا شركة أميركية تملك شيئا كهذا في الصين”.

وردا على قرار مجلس النواب الأميركي، قال مسؤول في وزارة التجارة الصينية إن على الولايات المتحدة “الكف عن قمع الشركات الأجنبية بشكل غير منصف” واتخاذ “جميع التدابير اللازمة لحماية حقوقها ومصالحها المشروعة بحزم”.

ورأى مسؤول آخر في بكين بأن الولايات المتحدة تتبنى “منطق قطاع الطرق” من خلال مشروع القانون الجديد.

ولم يتضح بعد ما إذا كانت الصين ستوافق على أي عملية بيع أو ما إذا كان من الممكن تصفية أصول تيك توك الأمريكية في غضون ستة أشهر.

وإذا لم تنفذ بايت دانس ما يتطلبه التشريع، فإن متاجر التطبيقات التي تديرها أبل وغوغل وغيرهما لا يمكنها إتاحة تنزيل تطبيق تيك توك بشكل قانوني أو تقديم خدمات استضافة المواقع للتطبيقات التي تسيطر عليها بايت دانس.

ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت تطبيقات صينية أخرى مثل وي تشات قد تواجه حظرا بموجب هذا التشريع.

ومن شبه المؤكد أن تواجه أي تصفية قسرية لأصول تيك توك من الولايات المتحدة تحديات قانونية.

وهناك أيضا مشكلات قانونية محتملة مع اتحاد الحريات المدنية الأمريكي وجماعات أخرى مدافعة عن الحريات التي تقول إن مشروع القانون غير دستوري لتعارضه مع حرية التعبير إلى جانب أسباب أخرى.

وإذا مر القانون الذي يحظى بتأييد من الرئيس الأميركي، جو بايدن في مجلس الشيوخ ستتأكد المخاوف من أن التطبيق الذي يستخدمه 170 مليون شخص في الولايات المتحدة، قد يحظر في غضون أشهر.

وأعلن البيت الأبيض منتصف آذار أن بايدن سيوقع مشروع القانون وتسميته الرسمية “حماية الأميركيين من التطبيقات الخاضعة لسيطرة خصم أجنبي” ويصدره قانونا لدى وصوله إلى مكتبه.

وقال أعضاء بارزون في مجلس الشيوخ إن مشروع القانون سيسلك المسار التشريعي الاعتيادي والذي قد يستغرق أشهرا وفقا لتقرير نشرته وكالة فرانس برس.

وقال السيناتور رون وايدن في تصريحات إن “هذه المجالات تتطور وتتغير بسرعة كبيرة بحيث من الممكن إحداث ضرر كبير من خلال التحرك بسرعة كبيرة أو من دون الحقائق”.

وتعد المصادقة على نص تشريعي بهذا الحجم مهمة في غاية الصعوبة في عام يشهد انتخابات رئاسية، مع توقّع مؤيدين للنص بقاء مشروع القانون في مجلس الشيوخ من دون أي مصادقة.

وقال السيناتور جوش هولي في تصريح لموقع أكسيوس الإخباري “لا شيء يقر في مجلس الشيوخ من دون موافقة الشركات التكنولوجية الكبرى”.

وقادة مجلس الشيوخ المخولون الإشراف على مسار مشروع القانون من خلال عملية تعديل معقدة وطرحه للتصويت، لا يبدون التزاما بإقراره.

بعد التصويت في مجلس النواب، قالت السنياتورة الديمقراطية، ماريا كانتويل التي ترأس لجنة التجارة، إنها “ستسعى لإيجاد مسار للمضي قدما يكون دستوريا ويحمي الحريات المدنية”.

وكان الناطق باسم وزارة التجارة الصينية، هي يادونغ قد صرح في مؤتمر صحفي أن “على الولايات المتحدة احترام مبادئ اقتصاد السوق والمنافسة العادلة بشكل صادق والتوقف عن قمع الشركات الأجنبية بشكل غير منصف”.

وأضاف أن على واشنطن أيضا “توفير بيئة منفتحة وعادلة ومنصفة وغير تمييزية للشركات الأجنبية للاستثمار والعمل في الولايات المتحدة”، مؤكدا أن “الصين ستتخذ جميع الإجراءات اللازمة لحماية حقوقها ومصالحها المشروعة بشكل حازم”.

يعد التطبيق في صلب التوتر القائم منذ مدة طويلة بين الولايات المتحدة والصين اللتين اختلفتا في السنوات الأخيرة على مجموعة من القضايا بينها التكنولوجيا والتجارة وحقوق الإنسان.

وحدت واشنطن من أنشطة بعض الشركات الصينية في الولايات المتحدة، مبررة الأمر بمخاوف متعلقة بالأمن القومي، إضافة إلى تصدير تكنولوجيا معيّنة إلى الصين تعد حساسة.

ذكرت صحيفة فايننشال تايمز أن تطبيق تيك توك حقق إيرادات بلغت نحو 16 مليار دولار العام الماضي في الولايات المتحدة حيث يجذب تطبيق الفيديو واسع الانتشار المستخدمين من الجيل “زد”، بحسب تقرير لوكالة رويترز.

ونقلت فايننشال تايمز عن خمسة مصادر مطلعة أن إيرادات بايت دانس البالغة 120 مليار دولار في 2023 ارتفعت بنحو 40 بالمئة عن العام السابق، مدفوعة بالنمو الهائل لتطبيق تيك توك، رغم أن الصين تمثل حصة كبيرة من مبيعات الشركة.

وتقترب بايت دانس المالكة لتيك توك، الملقبة بمصنع التطبيقات بفضل إصداراتها الجديدة المستمرة لتطبيقات الهاتف المحمول، من تجاوز فيسبوك المملوكة لشركة ميتا لتصبح أكبر شركات التواصل الاجتماعي في العالم من حيث المبيعات.

وارتفعت إيرادات ميتا 16 بالمئة في 2023 إلى 134.90 مليار دولار.

وتصدر تيك توك تطبيقات التواصل الاجتماعي في الولايات المتحدة قياسا بعدد مرات التنزيل في 2023، بنحو 47 مليون عملية تنزيل. وجاء فيسبوك وإنستجرام في المركزين الثاني والثالث، بنحو 35 مليون و34 مليون عملية تنزيل على التوالي، وفقا لبيانات سينسور تاور.

كذلك يبدي جمهوريون حذرا تجاه قضية تيك توك جدد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب التأكيد على معارضته حظر تيك توك، داعيا مناصريه إلى صب غضبهم، بدلا من ذلك، على مجموعة ميتا المالكة لفيسبوك.

موقف ترامب الذي تجاهله النواب الجمهوريون يعد تراجعا عن جهود بذلها في عهده لدفع بايت دانس، الجهة الصينية المالكة لتيك توك، إلى بيعه، لا بل قررت إدارته حظره لكن المحاكم أبطلت القرار.

وتبدي حكومات غربية قلقا إزاء تنامي شعبية تيك توك، وتقول إن الجهة المالكة له تضعه في خدمة الصين التي يمكن أن تستخدمه وسيلة لنشر دعايتها، الأمر الذي نفته إدارة التطبيق وبكين.

ونفى القائمون على تيك توك مرارا بأن يكون التطبيق خاضعا لسلطة الحزب الشيوعي الصيني.

وحض الرئيس التنفيذي لتيك توك، شو زي شيو المستخدمين على الاحتجاج على التصويت، فيما عبر عدد من صانعي المحتوى في التطبيق تحدثوا لوكالة عن معارضتهم لمقترح الحظر.

وجاء في “تقييم التهديد السنوي” لعام 2024 لمجتمع المخابرات الأميركية الذي صدر في آذار أن “حسابات تيك توك التي تديرها ذراع الدعاية للصين بايت دانس استهدفت مرشحين من كلا الحزبين السياسيين خلال دورة الانتخابات النصفية الأميركية في عام 2022”.

ويقول تيك توك إنه لم ولن يشارك بيانات المستخدم الأميركية مع الحكومة الصينية.

المصدر : الحرّة

:شارك الخبر